موضوعه إلاّ النّسخ في الشّريعة ، ولا ينافي هذا ما ذكرنا وذكره الأستاذ العلاّمة سابقا : من كون العلم غاية للحكم بالطّهارة ورافعا له في القاعدة ؛ حيث إنّ المقصود من الحكم ـ فيما سبق ـ نفس إنشاء الطّهارة مع قطع النّظر عن اتّصافه بكونه ظاهريّا فتدبّر.
وثانيا : أنّه إذا جعل قوله : ( حتّى تعلم ) من قيود الحكم الأوّل وتوابعه من حيث توقّف تحقّقه ـ حسب ما عرفت ـ على تقييده به ، فلا يمكن جعله قيدا للحكم الثّاني الّذي هو في قوّة المحمول للحكم الأوّل ، وهو في قوّة الموضوع له ؛ للزوم تقدّم الشّيء على نفسه ؛ حيث إنّ كونه قيدا للموضوع ، أي : الحكم الأوّل يقتضي تقدّمه على الحكم الثّاني بالطّبع ؛ لأنّ قيود الموضوع في مرتبة الموضوع ، فلا بدّ من أن تكون مقدّمة على المحمول. كما أنّ الموضوع مقدّم عليه ـ حسب ما هو قضيّة العروض والحمل ـ وكونه قيدا للمحمول ، أي : الحكم الثّاني يقتضي تأخّره عن المحمول ، أو كونه في عرضه ، فيلزم ما ذكرنا كما لا يخفى.
فلا يمكن أن يجعل المستصحب هو الحكم الظّاهري المدلول للأصل الأوّلي وإن كان المشار إليه هو الحكم الواقعي المعلوم تحقّقه ، أي : الطّهارة المتيقّنة في السّابق ، ليكون القضيّة مسوقة لبيان وجوب الحكم باستمرار الطّهارة المعلومة في الزّمان السّابق ظاهرا ، فلا شيء يدلّ على الأصل الأوّلي ، أي : قاعدة الطّهارة فيما شكّ في طهارته من حيث الشّك.
ولعمري إنّ منشأ ما وقع من الخلط والاشتباه في المقام : هو شمول القاعدة لمورد الاستصحاب ، من دون تأمّل في : أنّ مجرّد الاجتماع الموردي في بعض الأعيان لا يصلح أن يجعل أحد المجتمعين مصداقا للآخر مع تباين المناط فيهما