__________________
أنّه قد عرفت : أنّ استعمال لفظ النقض فيها إنّما هو بلحاظ تعلّقه باليقين وقد عرفت أيضا أنّه لا يصحّ النّهي عنه بحسب ، إلاّ فيما انحلّ اليقين حقيقة ، واضمحلّ كما في مورد قاعدة اليقين ، أو مسامحة كما في الشّك في الرّافع في مورد الإستصحاب ، فإنّ اليقين فيه وإن كان على ما كان بلا اضمحلال ولا انحلال ، إلاّ أنّه لمّا كان متعلّق اليقين فيه من شأنه البقاء لوجود مقتضيه ، كان كأنّه متيقّن البقاء وقد ارتفع اليقين به وانحلّ إلى الشّكّ ، وصحّ بالمسامحة انّه اضمحل ويصحّ النّهي عنه بحسب البناء والعمل وهذا بخلاف الشّكّ في المقتضي حيث لا انحلال فيه لليقين لا حقيقة ولا مسامحة.
سلّمنا انحلاله فيه أيضا كذلك ، الاّ أنّه ليست المسامحة فيه بمثابة المسامحة في الشّكّ في الرّافع عرفا ، فيكون أقرب إلى ما يعتبر في صدق النّقض حقيقة ، فيتعيّن عند إطلاقه وتعذّر إنحلال الحمل على ما هو أقرب إلى ذلك ، ليقوى شباهته بما إذا انتقض اليقين وارتفع حقيقة ، كما في قاعدة اليقين.
لكنّك عرفت : انّ الظاهر ان وجه إطلاق النّقض واسناده إلى اليقين في مورد الإستصحاب إنّما هو بملاحظة اتّحاد متعلّقي اليقين والشّكّ ذاتا وعدم ملاحظة تعددهما زمانا ، وهي كافية في اضمحلال اليقين وانحلاله مسامحة وفي صحّة استعمال النّقض واستعارته له من غير تفاوت في ذلك أصلا في نظر العرف ، كما لا يخفي.
ومن المعلوم تداول هذه الملاحظة بين أهله لارتكاز الاتّحاد كذلك في أذهانهم ، بخلاف تلك الملاحظة ، فانّها في غاية الدّقة والبعد عن أذهان عامّة أهل العرف ، فكيف يكون هو الوجه في إسناد النّقض إلى اليقين في الاستعمالات المتعارفة ، بل الظّاهر أنّ وجهه هو ما ارتكز من الإتّحاد.
فظهر أنّ مفاد الأخبار هو حجّية الاستصحاب مطلقا ، كما عليه مشهور الأصحاب ، ويؤيّده أنّ مورد بعضها ممّا فيه لفظ النّقض يكون من قبيل الشّكّ في المقتضي ، كما اعترف به قدسسره وإن