ودلالة أهل الذّكر عليهم ألف الصّلاة والسّلام ـ :
إنّ الغلبة قد تكون جنسيّة ، وقد تكون نوعيّة ، وقد تكون صنفيّة. وهذه إن توافقت فلا إشكال ، وكذلك إن علم بإحداها ولم يعلم بمخالفة غيرها لها ؛ فإنّه لا إشكال حينئذ في الحكم بمقتضاها. وأمّا إن تخالفت كلاّ أو بعضا ، فلا ريب في ترجيح الغلبة الصّنفيّة على النّوعيّة ، والجنسيّة والنّوعيّة على الجنسيّة.
والوجه فيه : ممّا لا يحتاج إلى البيان ، فالمدار دائما عند الاختلاف على الأخصّ. فلو فرض اختلاف أصناف الجنس في حكم من حيث الزّيادة والنّقيصة فالّذي يحصل منها هو الظّن بثبوت الحكم للجنس في المقدار المشترك بين الجميع فيتبع الأخصّ ، وهذا يجري في مراتب الغلبة الجنسيّة أيضا ؛ حيث إنّ الأجناس متعدّدة فالجنس السّافل مقدّم على الجنس العالي في كلّ مرتبة.
ثمّ إنّ الشّرط في إفادة الغلبة للظّن باللّحوق في المشكوك عدم العلم ، بل ولا الظّن بكون السّبب في اتّصاف كلّ فرد من الأفراد المتشاركة غير السّبب في اتّصاف الآخر ، وإلاّ لم يحصل الظّن من الغلبة في الفرد المشكوك ؛ ضرورة أنّ الوجه في إفادة الغلبة للظّن هو حصول الظّن من اتّفاق الأفراد الغالبة بكون السّبب فيه هو القدر الجامع بين الجميع ، فيظنّ منه كون الفرد المشكوك أيضا كالأفراد الغالبة لاستحالة الانتقال من جزئي إلى جزئي آخر من دون توسيط القدر الجامع.
وهذا الشّرط مطّرد في أشباه الغلبة مثل الاستقراء ، والقياس ، والأولويّة ، وأمثالها ممّا يحكم فيه بلحوق موضوع بغيره.
نعم ، لا إشكال في عدم اشتراط إثبات كون المناط هو القدر الجامع من الخارج ؛ لأنّ نفس الاتّفاق من حيث هو كاشف ظنّي عن ذلك فيظنّ من