لمقدار الاستعداد في الأحكام الشّرعية يجدي للحكم في المورد المشكوك. والقدر المتيقّن غير مجد كما عرفت سابقا. مع أنّه على تقدير الانضباط لا ينفع في تحقّق الغلبة المعتبرة الكاشفة عن الاستناد إلى القدر المشترك ؛ لأنّ كلّ حكم شرعيّ بل وغيره تابع لخصوص ما في نفس الحاكم من الأغراض والمصالح. ومجرّد الموافقة الاتّفاقيّة في مقدار الاستعداد لا يجدي شيئا كما لا يخفى.
وأمّا لو كان الشّك من حيث الرّافع فيعرف الكلام فيه ممّا عرفته في الشّك من حيث المقتضي هذا.
وإن شئت قلت : إنّ الشّكّ في الحكم الشّرعي سواء كان من جهة الشّك في المقتضي ، أو الرّافع لا يلاحظ فيه ـ في غير النّسخ ـ الزّمان ، إلاّ بالفرض ، من غير فرق بين الزّمان المفروض للشّك في البقاء بين قلّته وكثرته وطوله وقصره كما هو ظاهر ، فكيف يتمسّك للحكم بالبقاء فيه بالغلبة؟ فتدبّر.
هذا بعض الكلام من حيث الصّغرى. وأمّا إثبات حجيّة الغلبة سيّما في الشّبهات الموضوعيّة فدونه خرط القتاد. وعليك بإمعان النّظر فيما ذكره الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه العالي ) في المقام ؛ فإنّه في غاية المتانة بحسب المطلب ، وإن كان فيه نوع اضطراب بحسب العبارة ؛ فإنّ قوله : ( فإن أريد أغلب الموجودات السّابقة بقول مطلق ) (١) يحتاج إلى ذكر شرطيّة أخرى كما لا يخفى.
مضافا إلى أنّ ما ذكره سندا لمنع بقاء أغلب الموجودات إلى زمان الشّك لا يخلو عن تأمّل ؛ لأنّ عدم الرّابط والجامع لا يمنع عن أصل الاشتراك في البقاء ، غاية الأمر : عدم تحقّق الغلبة المعتبرة بمجرّد ذلك.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٨٩.