ولكن الّذي يحسم أصل الإشكال : هو أن يقال بفساد جعل الاستصحاب من القياس موضوعا ـ مع قطع النّظر عن الأخبار وغيرها من أدلّة اعتباره ـ أمّا في الشّك في الرّافع فواضح ؛ لأنّك قد عرفت : أنّ صدق القياس لا يمكن إلاّ مع تعدّد الموضوع ، والموضوع في الحالتين في الشّك في الرّافع متّحد وإلاّ لما تحقّق الشّك في الرّافع ؛ ضرورة أنّ الشّك في ثبوت حكم موضوع لموضوع آخر لا دخل له به لا يسمّى بالشّك في الرّافع.
وبعبارة أخرى أوضح : أنّه لا شكّ في صدق الإبقاء على الالتزام بالحكم في الشّك في الرّافع وفي صدق النّقض على عدمه فيه حقيقة ، وهما لا يصدقان إلاّ مع وحدة الموضوع ، وهي تنافي صدق القياس حسب ما هو قضيّة الفرض : من اشتراط تعدّد الموضوع في موضوع القياس.
فإن قلت : إنّ الالتزام بالحكم في الشّك في الرّافع لا يسمّى إبقاء فقد خالفت الوجدان. وإن قلت : بمنع الملازمة بين صدق الإبقاء ووحدة الموضوع فقد التزمت بما هو أوضح فسادا ، فلا مناص عن الالتزام بتغاير الاستصحاب موضوعا في الفرض مع القياس ، وإن قلنا بحرمة العمل به لو لم يكن هناك ما يدلّ على جواز التّعبّد به في الشّرعيّات من حيث عموم ما دلّ على حرمة التّدوين بما وراء العلم.
فإن قلت : لو كان الموضوع في الشّك في الرّافع متّحدا وموجودا بعينه في الحالة الثّانية فكيف يشكّ في الحكم.
قلت : قد عرفت في طيّ كلماتنا السّابقة أنّه قد يكون الشّك مع القطع بوجود الموضوع في القضيّة الشّرعية من جهة الشّك في بقاء الموضوع الأوّلي العقلي الّذي هو المناط في الحكم الشّرعي.