فإن قلت : كيف تنكر تعدّد الموضوع في الشّك في الرّافع ، ونحن نعلم أنّ قولنا « من توضّأ ولم يخرج عنه الوذي » قضيّة متغايرة لقولنا « من توضّأ وخرج عنه الوذي »؟ وقد عرفت : أنّ تعدّد القضيّة بعد فرض اتحاد المحمول لا يمكن إلاّ بتعدّد الموضوع.
قلت : المناط في تعدّد القضيّة واتّحادها وتعدّد الموضوع واتّحاده هو التّعدّد والاتّحاد في كلام الشّارع لا في فرضنا ، والمفروض أنّ الحكم في الحالة الأولى لم يترتّب على المتطهّر الّذي لم يخرج عنه الوذي وإلاّ لما كان الشّك في الرّافع ، بل على المتطهّر هذا.
مضافا إلى أنّه مع تسليم تعدّد الموضوع إمّا من جهة عدم صدق الإبقاء أو من جهة عدم ثبوت الملازمة بينه وبين وحدة الموضوع لنا أن نمنع كون الاستصحاب قياسا ؛ إذ إثبات الحكم في الحالة الثّانية يمكن أن يكون من جهة ملاحظة الغلبة كما يدّعيه القائل باعتباره من باب الظّن. والحكم بأنّ الغلبة أيضا من أفراد القياس ، فيه : ما لا يخفى ، هذا في الشّك في الرّافع.
وأمّا الشّك في المقتضي : فإن قلنا بصدق الاستصحاب فيه موضوعا أيضا حقيقة ـ كما يدّعيه القائل بتعميم اعتبار الاستصحاب ـ فلا إشكال في عدم صدق القياس عليه ؛ ضرورة أنّ الاستصحاب ـ حسب ما عرفت من تعريفه ـ هو الإبقاء المستلزم لوحدة الموضوع. وإن لم نقل بصدق الاستصحاب وهو الإبقاء فيه حقيقة وإنّما كان الصّدق مبنيّا على التّسامح العرفي.
ففيه : إشكال ، والله العالم بحقائق الأحكام.