ولكن الظّاهر بل المقطوع ـ حسب ما يفصح عنه قوله ـ أنّ كلامه مفروض فيما كان الدّليل على حجيّة الاستصحاب الأخبار ، لا العقل ـ بناء منه كما عرفت سابقا ومنّا أيضا في الجملة على عدم دلالة العقل عليه ـ أو عدم حجيّته على ما عرفت تفصيل القول فيه ـ مع أنّ في كلامه وجها لا يفرق فيه بين القولين يأتي الإشارة إليه.
ثانيها : النّقض بالأحكام الجزئية المشتبهة ؛ فإنّ قضيّة كلامه اعتبار الاستصحاب فيها ، مع أنّه لا يعقل الفرق في اعتبار الاستصحاب بينها والموضوعات الخارجيّة ؛ لأنّ رفع الشّك عن الحكم الجزئي المستلزم لرفع الشّك عن الموضوع الخارجي ليس وظيفة للشّارع ؛ لأنّ مرجعه حقيقة إلى بيان الموضوع. وإن أريد معنى آخر لاعتبار الاستصحاب في الحكم الجزئي ، فيجري بالنّسبة إلى الموضوع الخارجي أيضا.
وبالجملة : لا يعقل الفرق بين اعتبار الاستصحاب في الموضوع الخارجي والحكم الجزئي سواء ادّعي استحالة شمول الأخبار أو استظهار عدم الشّمول كما هو أحد الوجهين الّذي يشير إليه هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ في كلام الأستاذ هنا ما ينافي ـ في الجملة ـ ما ذكره في أوّل « الكتاب » : في المراد من الحكم الجزئي والكلّي ، فراجع.
ثالثها : النّقض بسائر القواعد المسلّمة في الموضوعات كقاعدة الحليّة ، والطّهارة ، بل بالأمارات المعتبرة فيها ؛ فإنّه إذا لم يكن بيان الموضوع من شأن الشّارع فأيّ فرق في بيانه بأخبار الاستصحاب وغيرها؟ مع أنّ من المسلّم في الجملة اعتبار تلك الأمور فيها ، فتدبّر.