أحدهما : ما هو ظاهر في خصوص الاستحباب ، فلا ربط له بالمقام أصلا.
ثانيهما : ما هو ظاهر في الطّلب الإرشادي القدر المشترك بين الوجوب والنّدب لقرائن مذكورة في الأخبار المشتملة عليه ، وهذا أيضا لا ينفع إلاّ فيما لم يكن هناك دليل عقليّ أو نقلي يقتضي رفع احتمال العقاب ، وإلاّ فيكون واردا عليه كما لا يخفى.
ومن هنا حكمنا بورود أدلّة البراءة على أخبار الاحتياط : من جهة اقتضائها عدم الضّرر في ارتكاب المشتبه ، فإذا كان الأمر كذلك في أدلّة البراءة فالحكم بورود أخبار الاستصحاب عليه يكون بطريق أولى ؛ لورودها على أدلّة البراءة.
نعم ، لو لم يكن هناك ما يرفع الضّرر كما في الشّبهة البدويّة قبل الفحص ، أو الشّبهة المقرونة بالعلم الإجمالي في الشّبهة المحصورة ، تعيّن الحكم بوجوب الاحتياط ، لكن لا من جهة دلالة الأخبار لفرض استعماله في القدر المشترك حسب ما عرفت.
وبمثل هذا ينبغي تحقيق المقام ؛ فإنّ فيما ذكره الأستاذ العلاّمة نوع اضطراب وتشويش ؛ فإنّ الحكم باختصاص احتمال التّهلكة الأخروية بصورة العلم الإجمالي ممّا لا وجه له.
لما عرفت : من وجوده في الشّبهة الغير المقرونة به قبل الفحص أيضا ، وكذلك الحكم بحكومة أخبار الاستصحاب على أخبار الاحتياط أيضا ممّا لا وجه له بعد ما عرفت : من كونها واردة عليها لا حاكمة ، والفرق بينهما في غاية الوضوح والظّهور.
ثمّ إنّه ربما يورد على هذا الدّليل بالنّقض بالشّبهة الوجوبيّة ؛ فإنّ بناء أكثر الأخباريّين على عدم وجوب الاحتياط فيها ، مع أنّ دلالة الأخبار على وجوب