__________________
من المسائل الأصوليّة لم ينفع في المقام حيث ان البحث فيه ليس إلاّ عن تحقّق ما لو كان متحقّقا لم يكن إشكال في الرّكون اليه والإعتماد عليه ، مع ان عدم كون البحث عن الدليليّة من مباحث الأصول بعد التسالم على انّ موضوع الأصول إنّما هو الدليل من حيث هو كذلك من الواضحات ، ولا وقع لإسناد هذا الإشكال إلى القوانين خاصّة بل هو أوضح من أن يختصّ أحد بالتنبيه له.
وقد عرفت : انه على هذا ليس من قبيل حجّيّة ظاهر الكتاب كما انّ حجّيّة الخبر ليس من قبيل واحد منهما ولا ما نحن فيه من المباديء التصديقيّة ، بل إنّما هو من المباديء التصوريّة ، ومن ذهب إلى أنّ موضوع علم الأصول هو ذوات الأدلة من حيث يبحث عن دليليّتها ، أو عمّا يعرض لها بعد الدليليّة فلا يعتدّ بمقالته فإنّها لا ترجع إلى محصّل ؛ فإنه جمع بين النقيضين ؛ فإنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات وتمايز الموضوعات بتمايز الحيثيّات ».
إلى أن قال :
« وأمّا الموافقة لتعريف الفن فلا يرجع إلى محصّل ؛ لأنّ كلّ فنّ لا بد وأن يكون تميزه بتمايز الموضوع ومع عدم الإنطباق على الميزان لا يجدي شيئا فالتعريف لا يصحّ إلاّ أن يرجع إلى ذلك فالقواعد الممهّدة للإستنباط إنّما تكون قواعد أصوليّة حيث كان البحث فيها عن العوارض الذاتيّة للدليل وإلاّ فمجرّد التمهيد للإستنباط لا يجدي بناء على كون الأصل فنّا ، بل هذا التعريف لا ينطبق على ما اخترناه أيضا ؛ حيث انّ مباحث الإجتهاد والتقليد ليست ممهّدة للإستنباط بل إنّما هي نفس أحكام الإستنباط ، وبالجملة : فكون الغرض من التمهيد استنباط الإحكام ليس ممّا يصلح للتمييز.
وممّا حقّقنا يظهر ما في قوله قدسسره : ( والمسئلة الأصوليّة هي التي بمعونتها ... إلى آخره ).
فإنّ هذا إنما ينطبق على التعريف الذي ذكره وفيه ما فيه.
ويظهر ممّا حقّقنا : انه لا مناص من إرجاع المسألة إلى البحث عن العرض الذاتي للموضوع