__________________
هنا يجيء الفساد لا أنه اعتبر بين الأجزاء وكذا بينها وبين الشرائط ربطا باعتباره يحكم بالفساد.
وفيه أولا : أنّ ما ذكر صحيح في المركبات الخارجية التي تكون مركبات حقيقية كالمثالين المذكورين ، وليس كذلك ما نحن فيه فإن أفعال الصلاة أفعال مستقلّة ذهنا وخارجا فلو لم يعتبر هناك ربط بينها فمن أين تأتي الخصوصيّة المذكورة؟
وثانيا : أنّ لازم البيان المذكور أن تكون الصلاة واجبات كثيرة بعدد أجزائها غاية الأمر أن المطلوب من كلّ واحد منها وجوده الخاص الذي مع وجود الباقي ، فعند الاتيان بجميع الاجزاء يحصل امتثال جميع تلك الواجبات وعند ترك أحد الأجزاء يحصل مخالفة جميع تلك الواجبات ويستحق عقابات متعدّدة بعدد الأجزاء الواجبة وهذا ممّا لا يلتزمه أحد في المركبات الارتباطية.
تنبيه : ما ذكرنا في تصوير جعل الجزئية والشرطية قد اعترف به المصنف صريحا في أوائل مسألة الأقل والأكثر من رسالة البراءة ، إلاّ أنّه أنكر أن يكون مراد القائلين بمجعولية الأحكام الوضعية ذلك ، وقد أشرنا هناك أنّ هذا مرادهم لا يريدون غيره ، وممّا يؤيّد إمكان جعل الوضع بل يدل عليه : جعل العلامات كوضع الألفاظ لمعانيها وكذا الخطوط والعقود وسائر العملامات الجعلية ، إذ لا شك ولا ريب أنّ اللفظ المخصوص قبل وضعه نسبته إلى جميع المعاني بالسوية إلاّ على مذهب سليمان بن عباد الصيمري القائل بالمناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى ، ولا شك ايضا انّه بالوضع يحصل ربط بين اللفظ وما وضع له يسمى بالدلالة ويكون ذلك سببا لانفهام المعنى من اللفظ ، ولم تكن هذه السببية قبل الوضع وإنما حدثت بوضع الواضع.
وما قيل : إن الإنفهام المذكور مسبب عن العلم بالوضع لا من نفس الوضع.
مدفوع : بأن العلم بالوضع شرط في حصول الدلالة ، وذلك نظير التلازم العقلي بين شيئين