__________________
فإنّ وجود اللازم دال على وجود الملزوم وكاشف عنه بنفسه ولا ينافيه توقّفه على العلم بالملازمة فإن لم يعلم الملازمة بين النار والحرارة أو الدخان فعلمه بالحرارة أو الدخان ليس سببا لعلمه بوجود النار ، وهذا لا ينافي كونهما من العلامات في حدّ أنفسهما غاية الأمر أنّ الدلالة مشروطة بالعلم بالملازمة ، وكيف كان : من تدبّر هذه الأمور المذكورة حق التدبّر يجد أنّ مجعوليّة الأحكام الوضعيّة من الواضحات » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ١٣٦ ـ ١٥٠.
* وقال المحقق الخراساني قدسسره :
« لا بأس ببسط المقام وتفصيل الكلام في شرح محلّ النقض والإبرام :
فاعلم انّه لا إشكال في استقلال كلّ واحد من الوضع والتّكليف مفهوما وتفاوتهما بحسبه جزما ، وأنّه يمكن أن يعبّر عن كلّ بما يخصّه من الخطاب إخبارا وإنشاء ، إذ الإنشاء بمجّرده قليل المؤونة ، وليس هو إلاّ قصد حصول المعنى باللّفظ وشبهه ، كما كان الإخبار به هو حكايته وبيان تحقّقه في موطنه بهما ، ولذا كان نسبته خارج دونه فكلّ ما يصحّ الإخبار عنه يمكن إنشاؤه ، غاية الأمر ربّما يكون لغوا لا يترتّب عليه أثر كالإخبار به ، كما لا يخفي.
وبالجملة : عدم ترتّب فائدة على إنشاء مفهوم ومعنى لا بمنع عن إنشائه وقصد حصوله بنفس اللّفظ وشبهه ، ولا إشكال أيضا في صحّة التّعبير عن كلّ منهما ، أي الوضع والتّكليف بخطاب الآخر كذلك ، أي إخبارا وإنشاء فيجعل مثلا خطاب إنشاء سببيّة الدّلوك لوجوب الصّلاة كناية عن إنشاء وجوبها وكذا العكس ، كما في الأخبار.
ومنه قد انقدح انّه ليس فائدة إنشاء معنى تنحصر بالتّوسّل به إلى تحقّقه ، والتّسبّب إلى وجوده في الخارج ، بل قد يكون التّوسّل به إلى تحقّق ما هو ملزوم ذلك المعنى أو لازمه من فوائده ، فربّما يكون إنشاء أحدهما جعلا للآخر لا له ، ولا إشكال ايضا في تطرق جعل التكليف وسرايته إلى الوضع في الجملة ، حسب ما تعرف تفصيله فيجعل بتبع جعله.