__________________
وأمّا قبول مثل الملكيّة والزّوجيّة والولاية إلى غير ذلك من الاعتبارات ذوات الآثار شرعا وعرفا للجعل أصالة وتبعا ، فلانّها وإن كانت من الأمور النّفس الأمريّة إلاّ أنّها لمّا كانت أمورا اختراعيّة ومعاني انتزاعيّة لا واقعيّة لها في الخارج إلاّ بواقعيّة منشأ انتزاعها ولا تحقّق لها فيه إلاّ بوجود ما يصحّ منه اختراعها ، كان كلّ واحد من انشائها عقدا أو إبقاعا أو عهدا على اختلافها ومن إنشاء آثار يستلزمها كافيا في منشأ الإنتزاع ووافية بصحّة الاختراع ، ضرورة صحّة انتزاع الملكيّة الواقعيّة من مجرّد جعل الله تعالى ملكيّة شيء لأحد ، وكذا صحّة انتزاع الولاية من جعلها لواحد ، كما يصحّ انتزاعهما من جعل آثار يستلزمها كإيجاب الوفاء بالعقد وإجازة التّصرّف وإباحته بانحائه في ملك الغير مثلا ، كما يظهر ذلك من مراجعة السّلطان [ ولاة ] ولاية مملكته وحكومته تارة : بإنشائها بخطاب يخصّها ، وأخرى : بإنشاء آثارها بخطابها مثل أن يقول افعل كذا وكذا ، إلى غير ذلك ممّا يتعلّق بأمر السّياسة في نظم المملكة.
إن قلت : لا ريب في عدم صحّة انتزاع الملزوم من لوازمه وأحكامه وإن صحّ استكشافه بها ، فكيف يصحّ انتزاع هذا النّحو من الوضع عمّا له من الآثار التّكليفيّة ، مع أنّها من لوازمه وأحكامه؟
قلت : معنى ما ذكر أنّه يصحّ انتزاعه من الآثار التّكليفيّة للمورد بما فيه من الخصوصيّات المقتضية لها لا عمّا اعتبر آثارا له منها كي يستلزم انتزاع الملزوم عن لازمه المساوق لتقدّم المعلول على علّته ، كما لا يخفى.
إن قلت : قد حقّق في محلّه : أنّ المعنى الواحد والمفهوم الفارد لا ينتزع عن المتعدّد بما هو متعدّد ، فكيف يصحّ انتزاع هذه الاعتبارات من المتعدّد ويصحّ اختراعها تارة بجعلها بالأصالة بإنشائها بمفاهيمها ، وأخرى بتبع جعل آثارها؟
قلت : إنّما لا يصحّ انتزاع الواحد من المتعدّد بما هو متعدّد كما أشرت إليه ، لا بما هو واحد وبجهة واحدة اشترك فيها كما في المقام ، ولا يبعد أن يكون تلك الجهة في مثال الحكومة هو