لازم القول بالجعل هو عدم إمكان وجوده بدونه وإن كان مرجع النّزاع في الاحتياج وعدمه إليه أيضا ؛ ضرورة أنّ ما يحتاج في الوجود إلى شيء لا يمكن وجوده بدونه ، إلاّ أنّا نسلك أوّلا مسلك عدم الاحتياج تقريبا وتبعا لما عنون به المسألة في كلام جماعة ، ثمّ نتبعه بإثبات ما هو المحقّق الثّابت عندنا ببيان شاف كاف مزيل للشّك والإرتياب عمّن يسلك مسلك الإنصاف ، فنقول :
لنا على عدم احتياج الحكم الوضعيّ إلى الجعل هو : أنّا نشاهد بالضّرورة صحّة اعتبار الحكم الوضعي واستناده إلى الشارع مع صدور الحكم التّكليفي منه ليس إلاّ ، ومن هنا قد اشتهر بين الفقهاء : سببيّة الدّلوك لوجوب الصّلاة ، ومانعيّة الحيض عن وجوبها ووجوب سائر العبادات ، وسببيّته لتحريم جملة من الأفعال ، وشرطيّة الاستطاعة لوجوب الحجّ ، مع أنّ الّذي ورد من الشّارع ليس إلاّ أحكاما تكليفيّة في مواردها كما هو معلوم لكلّ من له أدنى تتبّع في الأدلّة.
لا يقال : مجرّد عدم صدور جعل الحكم الوضعيّ من الشارع في الظّاهر لا يدلّ على عدم جعله واقعا لم لا يكون مجعولا واقعا أو مجعولا بنفس جعل الحكم التّكليفي فيكونان مجعولين بجعل واحد كالكلّي والفرد ، وقد عرفت : أنّ القائل بالوضع لا يذهب إلى أنّه لا بدّ من جعل مستقلّ بالنّسبة إلى الحكم الوضعي فما ذكر لا يدلّ على المدّعى.
لأنّا نقول : المفروض القطع بعدم صدور جعل الحكم الوضعي من الشارع في الواقع مطلقا ، وإن صعب عليك فرض ذلك بالنّسبة إلى الشارع فافرض ذلك في الأحكام الصّادرة من الموالي بالنّسبة إلى عبيدهم ؛ فإنّ المناط واحد ؛ حيث إنّ