فإنّك قد عرفت : أنّ الحكم من قبيل الفعل القائم بالحاكم وهذه الأشياء على التّقدير المذكور من الأوصاف الموجودة في متعلّقاتها واقعا ، فيستحيل قيامها بالحاكم.
نعم ، قد يصير حكم الحاكم كاشفا عن وجودها الواقعي بمقتضى علمه ، فهو إخبار حينئذ عن وجودها لا جعل له بالجعل الشّرعي.
نعم ، قد عرفت : أنّ إفاضة الوجود لا تكون من غير الشّارع لكن لا من حيث إنّه شارع حسب ما هو المقصود بالبحث في المقام ، بل من حيث إنّه خالق وموجد للأشياء. وقد عرفت : أنّه لا كلام فيه لأحد من المنكرين ، وإنّما الّذي ينكره المنكر هو تعلّق الجعل الشّرعي بها كالحكم التّكليفي ، وقد عرفت : استحالته بالنّسبة إليها.هذا مجمل ما استفدناه من إفادات الأستاذ العلاّمة في مجلس البحث وفي « الكتاب ».
ثمّ إنّ هذا الّذي عرفت كلّه هو دليل المختار ، وأمّا دليل القولين الآخرين فيظهر من ملاحظة ما ذكرنا وما ذكره الأستاذ العلاّمة في « الكتاب » ، ولكن لا بأس بالإشارة إلى بعض الكلام فيه فنقول :
أمّا دليل القول بالجعل مطلقا فوجوه ـ حسب ما يستفاد من مطاوي كلماتهم ـ :
أحدها : أنّه لو لم يكن الحكم الوضعي مجعولا بل كان منتزعا عن الحكم التّكليفي لاستحال تخلّفه عنه ؛ ضرورة استحالة تخلّف الأمر الانتزاعي عن منشأ انتزاعه على ما يقتضيه قضيّة التّبعيّة ، ونحن نرى بالوجدان تخلّفه عنه كثيرا كما في