والقول : بأنّ هذا الاختصاص عرضي لا ذاتي ، بمعنى : أنّ المخاطب بأخبار الاستصحاب ليس خصوص المجتهد كما في الخطاب بالحدّ ؛ حيث قيل : إنّ المخاطب به خصوص الحكّام ، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ؛ حيث توهّم كون المخاطب بهما خصوص الإمام عليهالسلام أو من أذن له في ذلك بالخصوص ، بل المكلّف الجامع لشروط تعلّق التّكليف به من غير فرق بين المجتهد والعامي. غاية ما هناك : كون المجتهد نائبا عن العامي في تحصيل شرط العمل بالاستصحاب : وهو الفحص في الشّبهة الحكميّة ، وإلاّ فأصل العمل بمقتضى المتيقّن السّابق يشترك فيه المجتهد والعامي.
فيه : أنّ اختصاص العمل بالأدلّة بالمجتهد بالنّسبة إلى جميعها عرضيّ لا ذاتي ، وإلاّ فأصل العمل بمقتضاها مشترك بين المجتهد والمقلّد ؛ فإنّ معاصري الأئمّة ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ممّن كان من أهل اللّسان ، بل مقاربي أعصارهم كانوا يعملون بالرّوايات الّتي يسمعونها عنهم عليهمالسلام ، أو المرويّة عنهم عليهمالسلام بتوسّط الثّقات ، كما يعملون بفتاوي من رخّص لهم الأئمّة عليهمالسلام الأخذ بها وهذا أمر ظاهر لا ينكره أحد.
بل يمكن دعوى : كون غالب المخاطبين بالعمل بروايات الثّقات من العوام ، وإن هو إلاّ نظير أخذ الفتوى من المجتهد في زماننا ؛ فإنّه قد يكون بلا واسطة ، وقد يكون بتوسّط الوسائط المعتبرة ، وهذا بخلاف زماننا وأشباهه ؛ فإنّه لا يجوز للعامي العمل بالرّوايات ، وليس ذلك إلاّ من جهة قدرة أهل الزّمان السّابق على تحصيل شروط العمل بالرّوايات من الفحص عن الصّوارف والمعارضات ومرجّحاتها ، وعجز أهالي الأعصار المتأخّرة ، بل ربّما لا يحتاجون إلى الفحص