لا إشكال في الرّجوع إلى المقتضي والأخذ بمقتضاه في القسم الأوّل والثّالث بناء على ما عليه المحقّق : من أنّ المقتضي كالعام في الأخذ به عند العقلاء سواء كان بضميمة أصالة عدم الرّافع ، أو بدونها على الوجهين في التمسّك بالعموم عند الشّك في التّخصيص ، وإن كان المختار هو الأوّل حسب ما عرفت تفصيل القول فيه سابقا.
فإن قلت : بعد القطع بوجود ما يشكّ في رافعيّته ومخصّصيّته كما في القسم الثّالث لا مجرى لاستصحاب عدم الرّافع ؛ لأنّه إن أريد به ذاته ، فالمفروض القطع بوجوده ، وإن أريد به وصفه ، أي : استصحاب عدم رافعيّة الذّات.
ففيه : أنّ هذا الأصل ممّا لا تعويل عليه عند أهل التّحقيق ؛ لعدم وجود الحالة السّابقة على تقدير ، وانقلاب الموضوع على تقدير آخر.
قلت : هنا شقّ ثالث ، وهو : أصالة عدم وجود الرّافع أي أصالة عدم وجود الذّات المتّصفة بالرّفع ومن المعلوم أنّه لا دخل له بأحد الشّقين الأوّلين ولا يرد عليه شيء من المحذورين.
فإن قلت : إنّ الأصل المذكور أصل في تعيين الحادث ، ولا اعتبار به لمعارضته بالأصل في ضدّه ، فكما أنّ الأصل عدم وجود الرّافع كذلك الأصل عدم وجود غير الرّافع أيضا.
قلت : لا مجال لمعارضة الأصل المذكور بالأصل في ضدّه ؛ إذ لا يترتّب عليه أثر إلاّ على تقدير القول باعتبار الأصول المثبتة المزيّف عندنا ؛ إذ أصالة عدم وجود غير الرّافع لا يثبت كون الموجود هو الرّافع ، وما لم يثبته لم يكن فيه نفع أصلا ، وهذا بخلاف أصالة عدم وجود الرّافع ؛ فإنّ المقصود منه ليس إلاّ الأحكام