الرّجوع في القسم الثّاني إلى نفس المقتضي والعموم مستقلاّ ، وأمّا الرّجوع إلى أصالة عدم المخصّص والرّافع فلا مانع منه.
فإن قلت : المانع رجوع أصالة عدم المخصّص والرّافع في الفرض إلى أنّ الأصل عدم كون الموجود مخصّصا وهو معارض بأصالة عدم كونه غيره.
وبالجملة : مرجع ما ذكر إلى تعيين الحادث بالأصل.
قلت : رجوعه إلى ما ذكر لا ضير فيه بعد عدم القادح في الرّجوع إلى الأصل في الحادث على الإطلاق على ما ذكرته في القسم الثّالث.
قلت : الرّجوع في هذا القسم إلى أصالة عدم الرّافع والمخصّص الرّاجعين إلى ما اعترفت به في غاية الفساد ؛ فإنّا وإن ذكرنا : أنّ الرّجوع إلى الأصل في الحادث ممّا لم يقم دليل على عدم جوازه على الوجه الكلّي ، إلاّ أنّا سلّمنا وجود المانع عنه في بعضها الّذي عرفت تفصيل القول فيه ، ولا ريب أنّ الأصل في المقام يرجع إلى ما هو الممنوع عندنا ، فإنّه ما لم يثبت بأصالة عدم أحد المحتملين كون الحادث المحتمل الآخر لم يترتّب عليه أثر أصلا.
مثلا إذا شككنا في شخص أنّه زيد العالم الغير الواجب إكرامه ، أو عمرو العالم الواجب إكرامه ، لا يمكن إثبات وجوب إكرامه إلاّ بإثبات كونه عمرو العالم. ومن المعلوم أنّ إثبات هذا المعنى لا يجوز بالأصل هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا لا يتمّ في جميع الصّور ؛ فإنّه إذا شكّ في أنّ الخارج هل هو البول النّاقض للطّهارة يقينا أو المذي الغير النّاقض كذلك؟ لا مانع من التمسّك بأصالة عدم كونه بولا ؛ فإنّ المقصود ليس إلاّ إثبات كون الشّخص متطهّرا ولا يكون المقصود إثبات كونه غير البول ، وهو المذي حتّى يصير من