أكرم العلماء ، وورد أيضا : لا تكرم فسّاقهم ، وشككنا في فرد من العلماء أنّه فاسق أو عادل مع العلم بعدم فسقه في السّابق ؛ فإنّه يشخّص بأصالة عدم فسقه كونه غير الفاسق. أو ورد : أكرم العلماء ، ولا تكرم مرتكبي الكبائر منهم ، فشكّ في فرد أنّه فعل الكبيرة ، أم لا ؛ فإنّه يشخّص بأصالة عدم صدور الكبيرة كونه غير مرتكب الكبيرة ولا بأس بالرّجوع إلى العام حينئذ ، هكذا ذكره الأستاذ العلاّمة وجماعة.
ولكنّك خبير بأنّه ليس حقيقة من الرّجوع إلى العامّ بحيث يوجب الأصل الموضوعي رفع الإجمال من العام فيترتّب عليه أحكام الظّاهر ، بل إنّما هو رجوع إلى الأصل بالنّسبة إلى الأحكام المترتّبة على مجراه كما هو ظاهر.
فإن قلت : لو كان المانع من الرّجوع إلى المقتضي والعام في القسم الثّاني ثبوت تقييد كلّ منهما بالمشكوك وجوده ، فليس فيه تقييد وتخصيص زائدا على تقدير ثبوته ، فهذا بعينه موجود في القسم الأوّل والثّالث أيضا ؛ ضرورة أنّ تأثير المقتضي في المقتضى ودلالة العام على العموم مقيّد بعدم الرّافع والمخصّص واقعا سواء علم رافعيّة بعض الأشياء ومخصّصيّته بالخصوص أم لم يعلم بها ؛ فإنّ عدم العلم بها لا يرفع التّقييد الواقعي كما لا يخفى. فلو كان التّقييد مانعا لما كان فرق بين الصّور.
قلت : هذه مغالطة واضحة ؛ لأنّ المقتضي والعام لم يقيّدا بمفهوم عدم الرّافع والمخصّص ، وإنّما الثّابت تقييدهما بمصداقهما لو فرض ثبوته بالنّسبة إليهما ، وإلاّ فهو مجرّد احتمال لم يثبت معه تقييد أصلا فيرجع إليهما فهذا من باب اشتباه العارض بالمعروض.
فإن قلت : سلّمنا الفرق الّذي ذكرته بين الصّور إلاّ أنّ اللاّزم منه عدم جواز