وهذا بعينه نظير الشّك في التّخصيص والتّقييد في العمومات والمطلقات ؛ فإنّه لا إشكال في الرّجوع إليهما لو كان الشّك فيهما من القسم الأوّل والثّالث ؛ لأنّ مرجع الشّك فيهما إلى الشّك في التّخصيص والتّقييد زائدا على ما علم من التّخصيص والتّقييد ، ولو فرض وجود العلم بالتّخصيص والتّقييد فيهما بالنّسبة إلى بعض المخصّصات والمقيّدات ؛ لأنّ التّحقيق الّذي عليه المحقّقون ، بل المشهور : أنّ العامّ المخصّص والمطلق المقيّد في الجملة لهما ظهور بالنّسبة إلى باقي الأفراد ، وإن قلنا بمجازيّتهما ، فيدفع حينئذ ـ بظهور العام والمطلق مستقلاّ ، أو بضميمة أصالة عدم المخصّص والمقيّد ـ الاحتمال في القسمين.
وهذا بخلاف القسم الثّاني ؛ فإنّه لو شكّ في وجود ما خصّص به العام يقينا أو قيّد به المطلق كذلك ، كما إذا ورد : « أكرم العلماء إلاّ زيدا. واشتبه الأمر في إنسان أنّه زيد العالم ، أو عمرو العالم ، أو ورد : أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، ثمّ شكّ في إنسان أنّه مؤمن ، أو كافر لم يجز الرّجوع إلى العام والمطلق ؛ لعدم رجوع الشّك فيه إلى الشّك في مخالفة الظّاهر في اللّفظ زائدا على ما علم يقينا ، فيصير العام والمطلق حينئذ مجملا.
وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا ، وقد فصّلنا القول فيه في بابي العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد. فإذا كان أمر المقتضي للوجود والرّافع عند المحقّق كالعام والخاصّ على ما يظهر من كلامه فلا يجوز التّمسّك فيما لو كان الشّك في الرّافع من القسم الثّاني.
نعم ، لو شكّ في وجود المخصّص والمقيّد بالمعنى الثّاني ، وكان هناك أصل موضوعيّ يشخّص به عدم كون المشكوك من مصاديق المخصّص ، كما لو ورد :