وقد يكون فعليّا بمعنى حصوله فعلا للمتيقّن بالطّهارة سابقا بحيث لا يبقى معه يقين بالطّهارة فعلا وإن كان له يقين بالطّهارة على فرض عدم حصول ما يشكّ في رافعيّته ، إلاّ أنّه لا يمكن أن يكون له يقين بالطّهارة بقول مطلق ، كما أنّه لا يمكن أن يكون له شكّ في بقاء الطّهارة في حالة اليقين بها بقول مطلق ، بل على تقدير.
أمّا الشّك بالمعنى الأوّل ، فلا إشكال في حصوله قبل اليقين بوجود ما يشكّ في كونه رافعا ؛ ضرورة عدم توقّف صدق الشّرطيّة على صدق الشّرط ، إلاّ أنّ هذا الشّك لا يمكن أن يكون مرادا من الرّوايات ؛ لأنّ الشّك بهذا المعنى لا ينافي اليقين بل يجتمع معه دائما فلا يعقل احتمال كونه ناقضا له.
وأمّا الثّاني ، فهو وإن كان مرادا من الرّوايات ليس إلاّ ؛ لعدم اجتماعه مع اليقين أصلا ، إلاّ أنّه متأخّر دائما عن وجود ما يشكّ في كونه رافعا لا حاصل قبله ، فالنّقض به نقض بالشّك من حيث كونه جزءا أخيرا لا باليقين كما لا يخفى.
وبالجملة : اليقين والشّك قد يلاحظان فرضيّين ، وقد يلاحظان فعليّين ، وقد يلاحظان مختلفين. فعلى الأوّل : يوجدان ويجتمعان على كلّ تقدير ، ولو في حقّ المحدث يقينا. وعلى الثّالث أيضا : يجتمعان ؛ إذ لا تنافي بينهما كما لا يخفى. وعلى الثّاني : لا يجتمعان أصلا ، إلاّ إذا فرض اختلاف زمان وجودهما : بأن كان اليقين قبل زمان وجود ما يشكّ في كونه رافعا والشّك بعد زمان وجوده.
والّذي يصلح أن يكون موردا للرّوايات هو الأخير ؛ لعدم التّنافي بين غيره دائما مع اليقين وهو متأخّر دائما عن اليقين بوجود ما يشكّ في كونه رافعا. فكيف يقال : بأنّه ليس جزء أخير من حيث فرض حصوله قبل اليقين؟
نعم ، هذا الشّك مسبّب عن وجود ما يشكّ في كونه رافعا ؛ لأنّه لولاه لم يكن