نعم ، قد يتأمّل فيما ذكره ( دام ظلّه ) : من التّقييد بما إذا لم يعارضه تكليف آخر محدود بما بعد الغاية بناء على ما حقّقه ( دام ظلّه ) في بحث مقدّمة الواجب :من رجوع الواجب المعلّق إلى المشروط ، خلافا لبعض أفاضل معاصريه (١) ؛ فإنّه في زمان الشّك في الغاية لم يحصل القطع بالاشتغال بالنّسبة إلى التّكليف المحدود بما بعد الغاية حتّى يجب تحصيل القطع بالبراءة عنه ، فلا يمكن أن يعارض التّكليف المتيقّن سابقا هذا.
ولكنّك خبير بفساد هذا التّأمّل بناء على تحقيقه ( دام ظلّه ) فإنّه وإن حقّق في بحث وجوب المقدّمة : رجوع الواجب المعلّق إلى الواجب المشروط ، إلاّ أنّه حقّق في ذلك البحث أيضا : أنّه قد يحكم العقل بوجوب مقدّمة الواجب المشروط قبل وجود شرط وجوبه ، كما إذا كان المكلّف غير متمكّن من تحصيلها في زمان وجوده مع القطع بتحقّقه في المستقبل قهرا ، كما إذا كان زمانا أو كان الوقت مستغرقا للفعل بحيث لا يتمكن من إتيان المقدّمة في زمان وجوده كما هو الشأن في الفرض أيضا.
ثمّ إنّه لا فرق أيضا في ذلك بين المقدّمة العلميّة وغيرها ؛ لاتّحاد المناط وهو حكم العقل. وتوهّم الفرق : بأنّ وجوب المقدّمة العلميّة تابع لوجوب العلم الغير الواجب إلاّ بعد ثبوت الاشتغال فاسد ، كما لا يخفى على المتأمّل.
(١٩٠) قوله ( دام ظلّه ) : ( مثل أصالة عدم الزّوال ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٨٠ )
أقول : قد يقال : بأنّ المراد ممّا ذكره من الرّجوع إلى أصل آخر غير
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٠.