والأوّل والثّاني إنّما هما في الشّك في المقتضي ، فمجرّد اعتبار إحراز الاستعداد في نوع المستصحب وصنفه بالغلبة ليلحق المشكوك به لا يقتضي بما ذكره ( دام ظلّه ) ، بل هو عين القول بحجيّة الاستصحاب مطلقا كما لا يخفى.
نعم ، لو كان معنى كلامه لزوم اعتبار إحراز الاستعداد في المستصحب بطريق القطع لكان ما ذكره وجيها ، لكنّه غير مراد قطعا هذا. ولكنّه ذكر ( دام ظلّه ) في ردّ هذا المعنى : أنّه ليس تمسّكا بالاستصحاب ، بل إنّما هو تمسّك بالغلبة ، ولكنّك خبير : بأنّ هذا الإيراد لا مساس له بالمقام ، بل هو كلام على التمسّك بالغلبة في باب الاستصحاب بقول مطلق ، وقد عرفت تفصيل القول فيه في أدلّة القائلين بالاعتبار مطلقا.
(٢١٧) قوله ( دام ظلّه ) : ( لعدم استقامة إرادة ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٩٤ )
أقول : أراد بذلك إحراز استعداد المستصحب من حيث شخصه وبملاحظته من غير الرّجوع إلى الغلبة في نوعه ، أو صنفه ، ولو كان باعتبار الرّجوع إلى الغلبة. ومن المعلوم أنّ إحراز هذا المعنى متعذّرا وقليل في الغاية ، والفاضل المذكور أيضا لا يقول به ؛ فإنّ كلامه إنّما هو في إحراز الاستعداد بالغلبة لا إحراز نفس المستصحب ولو باعتبار نوعه ، كما قد يتوهّم من العبارة في باديء النّظر.
ولكن لا يخفى عليك : أنّ الاستعداد مفروض في جميع موارد الشّك في الرّافع من غير جهة الغلبة في النّوع والصّنف ، هذا كلّه في عدم استقامة إرادة استعداده من حيث تشخّصه.
وأمّا عدم استقامة إرادة استعداده بملاحظة الأجناس فلما عرفت سابقا : من أنّ القدر الحاصل منه بل وأريد منه مقطوع في باب الاستصحاب في أكثر الموارد ،