لا يعلم أنّ الحادث هل هو خصوص الحدث الأصغر ، أو هو مع الأكبر ، فيدخل في القسم الثّاني من الأقسام في أصل إجراء الاستصحاب في الكلّي ؛ لأنّ الحدث الأصغر لا أثر له في صورة الاجتماع مع الحدث الأكبر ، فيرجع الأمر بالآخرة إلى الدّوران بين الغسل والوضوء بالدّوران التّبايني ، فيلتزم حينئذ باستصحاب القدر المشترك كما في القسم الثّاني.
وإن فرض في صورة كون احتمال الحدث الأكبر مقدّما على العلم بالحدث الأصغر ، فيرجع الشّك إلى وجود المانع عن تأثير الحدث الأصغر ، والمفروض أنّه لا استصحاب حينئذ لعدم الحالة السّابقة فيحكم بأصالة عدمه ، وأنّ الأحكام المترتّبة على المتطهّر وغير المحدث غير مشروط بغير الوضوء ، فبعد الوضوء لا معنى لاستصحاب القدر المشترك ليترتّب أحكام الحدث الكلّي عليه ؛ إذ معناه عدم الاكتفاء بالوضوء وقد فرضنا حكم الشارع بالاكتفاء به.
وإن فرض في صورة تأخّر احتمال الحدث الأكبر ، فمقتضى الحكم برافعيّة الوضوء شرعا بالاستصحاب ـ الثّابتة في صورة عدم احتمال الحدث ، وعدم اشتراط جواز الدّخول في الصّلاة ، ومسّ المصحف ، وغيرهما من أحكام الحدث بغير الوضوء ـ هو عدم الاعتناء باحتمال وجود القدر المشترك بعد الوضوء ، فمعنى حكم الشارع باستصحاب وجوب الوضوء إذا فرضنا كون وجوده مطلوبا من جهة كونه محصّلا للطّهارة المشروطة بها صحّة أمور في الشّريعة.
كما هو المفروض كون الوضوء رافعا للحدث بحكم الشارع فلا يبقى مجال لاستصحابه بعد الوضوء ، فقبل الوضوء يحكم بعدم اشتراط الأمور المشروطة بالطّهارة بغير الوضوء ، فاستصحاب الكلّي إنّما يستقيم فيما لم يكن الفرد المحتمل