ويدلّ على ما ذكرنا كثير من الأخبار النّاطقة : بأنّ القطعة المبانة من الحيّ ميتة (١) ، وغير ذلك ممّا ورد في غيره. ومن أقوى ما يشهد لما ذكرناه وقوع التّعبير في جملة من الآيات والأخبار عن معروض الحرمة بغير المذكّى وفي جملة بالميتة.
لا يقال : إنّ عدم الواسطة بين المذكّى والميتة لا يثبت كون الميتة غير المذكّى حتّى يكون على وفق الأصل لم لا يكونا من الضّدّين لا ثالث لهما.
لأنّا نقول : هذا الكلام ممّا لا يرضى به اللّبيب ؛ لأنّ العنوان الجامع لجميع أقسام خروج الرّوح بغير التّذكية ليس إلاّ نفس هذا القيد وليس هنا شيء آخر يجعل ميزانا للفرق بين المذكّى والميتة فتدبّر.
وممّا ذكرنا كلّه : ظهر فساد ما ذكره ( دام ظلّه ) في الجزء الثّاني من « الكتاب » (٢) وما ربّما يظهر من هذا الجزء أيضا : من الجواب عن المعارضة المذكورة تارة : بأنّ الحكم لم يترتّب على الميتة في الشّريعة بل على غير المذكّى ، وأخرى : بتسليم ترتّب الحكم عليها.
ودعوى : كونها عبارة عن غير المذكّى ؛ ضرورة أنّ الجواب الآخر لا يتمّ إلاّ بضميمة الجواب الأوّل كما عرفت منّا ؛ إذ إنكار ترتّب الحكم في الشّريعة على الميتة مكابرة محضة.
ودعوى : أنّ الجواب الأوّل مبنيّ على ما يراه الخصم من كون الميتة أمرا
__________________
(١) انظر الكافي الشريف : ج ٦ / ٢١٤ باب الصّيد بالحبالة وكذا ص ٢٥٥ باب ما يقطع من أليات الضأن.
(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ١١٠.