وجوديّا لم يؤخذ فيه عدم التّذكية أصلا بل هي خصوص الموت حتف الأنف ، ممّا لا يجدي في نفي ما هو المشاهد بالعيان من تعليق الأحكام على الميتة أيضا.
ثانيهما (١) : أن يقال : إنّ الميتة عبارة عن كلّ ما زهق روحه فيشمل المذكّى وغيره ، إلاّ أنّه خرج المذكّى عنه وحكم بحليّته وطهارته ، فالمذكّى وإن كان ميتة واقعا إلاّ أنّه خارج عنها حكما ، وحينئذ إذا شكّ في تحقّق عنوان المخصّص فيرجع إلى العام ويحكم بترتّب أحكام الميتة ، وإن كان مرجع الشّك إلى الشّك في المصداق.
إذ قد عرفت غير مرّة : أنّه إنّما يحكم بالإجمال ولا يرجع إلى حكم العموم في الشّك في المصداق فيما لم يكن هناك أصل موضوعي يثبت عدم وجود المخصّص ، ولا إشكال في وجوده في المقام ؛ لأنّ عدم تحقّق التّذكية موافق للأصل فتدبّر.
ولا يتوهّم : أنّ هذا يرجع إلى التّمسك بالعموم فلا دخل له بالاستصحاب ؛ لأنّك قد عرفت : أنّ التّمسك بالعموم فيه إنّما هو بمعونة الاستصحاب ، بل قد يقال : بأنّ المستند حقيقة هو الاستصحاب ليس إلاّ ، لأنّ الشّك في الحكم بمقتضى الفرض إنّما هو من جهة الشّك في المصداق فحكم الشارع بعدم الاعتناء بالشّك فيه والبناء على عدم وجود المخصّص هو الالتزام بحكم العموم بمقتضى الاستصحاب ، بل التّحقيق : عدم إمكان جعل الاستصحاب ضميمة للتّمسك بالعموم كما هو ظاهر. ولكنّك خبير بأنّ الوجه الأوّل أوجه من الثّاني.
__________________
(١) مرّ أوّل الوجهين في بداية هذه التعليقة.