أقول : لا يخفى عليك عدم بقاء الأصل المذكور سليما عن المعارض ؛ لأنّه بعد العلم الإجمالي بعدم كون الحكم في اللّحم خارجا عن الحليّة والطّهارة والحرمة والنّجاسة يعارض الأصل المذكور بأصالة عدم التّذكية المقتضية لنفي الحليّة والطّهارة ، فيصير حال الأصلين كالأصلين الجاريين في المشتبهين في الشبهة المحصورة.
نعم ، لو ترتّب حكم غير ما ذكر على الموت فلا إشكال في نفيه بأصالة عدم الموت ، كما أنّه لو ترتّب حكم على خصوص المذكّى غير الطّهارة والحليّة لم يكن ريب في نفيه بأصالة عدم التّذكية وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا ، فيرجع بعد تعارض الأصلين حينئذ إلى أصالة الحليّة والطّهارة. فلو قال ـ بدل ما قال ـ :« فيبقى أصالة الحلّ والطّهارة سليمتين عن الرّافع الشّرعي » ؛ لكان في غاية الجودة.
فتبيّن ممّا ذكرنا : أنّ أصالة عدم الموت حتف الأنف وإن لم يثبت بها التّذكية من جهة استلزامه التّعويل على الأصل المثبت ؛ لكنّها لا يكون سليمة عن المعارض بعد ملاحظة العلم الإجمالي.
(٢٢٦) قوله ( دام ظلّه ) : ( إنّ استصحاب عدم التّذكية حاكم على استصحابهما ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٢٠٠ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ حكومة استصحاب عدم التّذكية على الأصلين مع
__________________
مناص عن الإشكال إلاّ على ما حقّقناه : من أنّ الإستصحاب عبارة عن القاعدة الشريفة لا الأخذ بالحالة السابقة ». إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٥١.