شيخنا قدسسره في « الكتاب » هو الوجه الثّالث : وهو إناطة اعتباره بالظّن الشّخصي في موارد الأخذ به ، وارتضاه المحقّق الخوانساري (١) بناء على القول به : من باب الظّن ، كما حكاه عنه في « الكتاب » وإن ضعف القول به من جهة المنع الصّغروي ، كما ربّما يستظهر من كلامه ، أو الكبروي كما هو الظّاهر منه بعد التّأمّل فيه ، وبنى أمره على الرّوايات الشّاملة لصورتي الشّك والظّن معا فلا معنى للحكم باختصاص اعتباره بالظّن ، وإخراجه عنها ، وإفراده في الحجيّة من جهة توهّم إناطته بالظّن فتدبّر ، حتّى لا يختلط عليك الأمر في مراده من العبارة من جهة لفظة الإخراج.
بل ربّما يستظهر الإناطة بالظّن الشّخصي من الشّهيد في « الذّكرى » (٢) أيضا ؛ حيث إنّ مراده من الشّك هو خلاف اليقين المجامع مع التّسوية ورجحان
__________________
مع المرجوح.
فالحاصل : انه لا مناسبة بين ما أفاده الشهيد رحمهالله وبين ما توهّمه غيره فتفطّن.
وأشار بقوله : ( لأصالة بقاء ما كان ) إلى أنّ الشك الذي لا يوجب الخروج عن حكم اليقين إنّما هو الشك في البقاء لا الشك السّاري ولا الأعمّ ، فلا بد من إحراز الحدوث وعدم الخروج عن حكم هذا اليقين بالشك في البقاء ، فليس الأصل إلاّ بقاء ما كان لا نفس الكون ، وتبيّن من هذا : ان الإستصحاب عنده هو الإبقاء أيضا مع كونه مستفادا مع الأخبار ؛ فإنّ عدم الخروج والتشبّث عمل المكلّف ، والمستفاد من الرواية : النهي عن الخروج عن حكمه وهو عين كون البقاء أصلا ، فالعمل بهذا الحكم استصحاب فافهم » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٨٣ ـ ٨٥.
(١) مشارق الشموس : ١٤٢.
(٢) ذكرى الشيعة : ج ٢ / ٢٠٧.