أحدهما يقطع بارتفاع الطّهارة السّابقة ، ولزوم إجراء حكم أحد الدّمين عليها ، فالحكم برجوعها إلى الأصل بالنّسبة إلى كلّ من الحكمين لا يخلو عن تأمّل ، بل مقتضى ما ذكره ( دام ظلّه ) في القسم الثّاني : من استصحاب الكلّي هو الرّجوع إلى استصحاب الحدث بعد إتيانها بمقتضى أحد الدّمين ، فبمقتضى القاعدة الأوّليّة حينئذ هو الجمع بين أعمالهما بحكم العقل من جهة قاعدة الشّغل فتأمّل.
(٢٣١) قوله ( دام ظلّه ) : ( والمعيار عدم الخلط بين ... إلى آخره ) (١). ( ج ٣ / ٢٠٢ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره معيار متين حسن يجب البناء عليه في الوجوديّات والعدميات معا ، فكلّ ما كان الشّيء متّصفا بوصف عنواني ثمّ شكّ في زوال هذا الوصف عنه في اللاّحق فيرجع إلى استصحاب بقاء هذا الموصوف على وصفه. وكلّما كان الشّيء محلاّ لوصف واقعا ثمّ شك بعد العلم بثبوت هذا الوصف في المحلّ في زواله فلا يرجع إلى استصحاب بقاء هذا الوصف لإثبات كون المحلّ مشغولا به ؛ لأنّه يلزم التّعويل على الأصل المثبت بخلاف الأوّل فهذه قاعدة كليّة لا ريب ولا إشكال فيها أصلا.
نعم ، قد يقع الإشكال في المصاديق الخارجة من أنّها من أيّ القسمين؟فلا بدّ من التّأمّل حتّى لا يقع في خلاف الواقع.
__________________
(١) قال في قلائد الفرائد [ ٢ / ٢٧٤ ] :
« أقول : وحينئذ فكلّما كان الشيء متّصفا بوصف عنواني ثم شك في زوال هذا الوصف فيه في اللاّحق فيرجع إلى إستصحاب بقاء هذا الموصوف على وصفه ، وكلّما كان الشيء محلاّ لوصف واقعا ثم شك بعد العلم بثبوت هذا الوصف في المحلّ وزواله فلا يرجع إلى استصحاب بقاء هذا الوصف لإثبات كون المحلّ مشغولا به لأنّه أصل مثبت » إنتهى.