وإن شئت قلت : إنّ الاستصحاب إنّما يجدي فيما لو كان الحكم بالبطلان على تقدير الدّخول شاكّا مستندا إلى الاستصحاب وليس الأمر كذلك ؛ لأنّك قد عرفت : بطلان العمل مع الدّخول في حال الشّك واقعا وإن انكشف كونه متطهّرا ؛ نظرا إلى عدم تأتّي القربة منه ، فإذا لم يكن الحكم بالبطلان مع الشّك الفعلي مستندا إلى الاستصحاب ، بل إلى نفس الشّك فكيف يجعل دليلا على البطلان عند عروض الغفلة حين الدّخول؟ هذا كلّه بالنّسبة إلى الإعادة.
وأمّا القضاء ؛ فإن كان بالأمر الأوّل ، فحاله حال الإعادة في الوقت. وإن كان بالأمر الجديد وقلنا بكونه مترتّبا على مجرّد عدم الإتيان بالمأمور به في وقته وتركه فيه ، فيمكن إثباته باستصحاب الحدث : من حيث رجوعه إلى عدم الإتيان بالمأمور به حقيقة ، وإن كان هناك واسطة فهي من الوسائط الخفيّة. وسيجيء ما يوجّه به عدم قدحها في الرّجوع إلى الاستصحاب في التّنبيهات. إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ ما ذكرنا إنّما هو فيما لو كانت الحالة السّابقة الحدث ، وأمّا لو كانت الطّهارة ، فلا إشكال في الحكم بصحّة الصّلاة ظاهرا سواء التفت إلى حاله وشكّ في صدور الحدث منه قبل الدّخول في الصّلاة ، أو لم يلتفت إلاّ بعد الفراغ ، والوجه فيه ظاهر. وأمّا لو لم يعلم بالحالة السّابقة ، فإن التفت إلى حاله حين الدّخول في الصّلاة فلا إشكال في الحكم ببطلان صلاته ، لما عرفت : من عدم تأتّي القصد والحال هذه. وإن لم يلتفت حين الدّخول والتفت بعد الفراغ ، فلا إشكال في الحكم بصحة صلاته أيضا. وإن التفت قبله فشكّ ، ثمّ غفل فدخل في العمل والتفت بعد الفراغ ، فإنّه وإن كان في حكم المحدث حين عروض الشّك ، إلاّ أنّه من جهة عدم