__________________
المضرّة إلى غير ذلك فإن أدرك في شيء منها جهة ملزمة بالفعل يحكم بوجوبه من تلك الجهة وإلاّ فلا ، سواء سمّي هذا المعنى بالإطاعة أم لا ؛ إذ ليس المدار في حكم العقل على التسمية ؛ ضرورة أنّه ليس في العقل لفظ وصوت حتّى يرجع في تشخيص معناه إلى غيره بل لا بدّ من أن يؤخذ موضوع حكمه بماهيّته وحقيقته من نفس العقل لا غير.
وإن أبيت إلاّ عن استقلال العقل في الحكم بقبح مخالفة العبد لسيّده وحسن امتثاله عند تصوّر نفس المخالفة والإمتثال من حيث هما على سبيل الإجمال من دون أن يتوقّف في ذلك على تصوّر جهاتهما تفصيلا.
قلت : لا نتحاشى عن ذلك ، لكن منشأه كون حسن إطاعة العبد لسيّده وقبح معصيته بعد أخذ الإضافة قيدا في الموضوع ذاتيّين حيث إنّ منافع العبد الّتي من أهمّها امتثال الأمر ملك لمولاه ، وإنما يحكم العقل بقبح المخالفة بعد إحراز استحقاق المولى لمنفعة العبد فيكون حكمه بقبح مخالفته نظير حكمه بقبح مخالفة الأجير للمستأجر ، ومن المعلوم أنّ نفس مخالفة الأجير للمستأجر من حيث هي ظلم وعدوان فلا يحتاج العقل في مثل الفرض في حكمه إلى تصوّر شيء آخر وراء ما تصوّره وهو التّفريط في حقّ الغير من دون عذر ، ومعلوم أنّ قبح منع الحقّ عن مستحقّه ذاتي لدى العقل ألا ترى أنّ العقل كما يستقلّ بوجوب إطاعة السيّد كذلك ربّما يستقلّ بوجوب إطاعة غيره كسلطان الجور والمكره ونحوهما؟ فهل يعقل أن يحكم العقل بالوجوب في مثل هذه الفروض من دون أن يتّضح لديه وجهه؟ حاشاه عن ذلك.
إن قلت : سلّمنا أنّ العقل لا يحكم على شيء إلاّ بعد إحراز جهاته مفصّلا إلاّ أنّه لا مانع من أن يكون للشّيء جهات متعدّدة كلّ واحدة منها سبب لحسن الفعل في الجملة ولا يكون كلّ منها بانفراده سببا مستقلاّ لإلزام العقل بفعله إلاّ أنّ مجموعها من حيث المجموع سبب لإدراك العقل اشتماله على الجهة الملزمة فكلّ واحدة من تلك الجهات بانفراده أو بانضمامه