من العبادة ليست هي العبادة الّتي في مقابل المعاملة ، بل المراد هي العبوديّة أي : وما أمروا إلّا بجعل عبوديتهم لله.
والمراد من الإخلاص ليس قصد القربة في الواجب ولا تنزيه العمل من الرّياء ونحوه ، بل عدم الشّرك به وجعل الشّريك له في العبوديّة ، فالآية تدلّ على وجوب التّوحيد عليهم لا على وجوب قصد القربة عليهم في كلّ واجب ، أو تنزيه القصد من الرّياء ونحوها من الضّمائم ، والمراد من الدّين ليس هو القصد ؛ إذ لم يثبت استعماله فيه أصلا ، بل المراد منه إمّا خصوص الأصول كما هو الظّاهر ، أو هي مع الفروع. فالآية مشتملة على بيان تكليفهم بأصل الأصول وعمود الفروع فلا دخل لها بالمقام أصلا كما لا يخفى.
ويشهد لما ذكرنا أمور :
أحدها : ظهوره من الآية بالبيان الّذي عرفته مضافا إلى ملاحظة صدرها.
ثانيها : دلالة كثير من الآيات الّتي فيها لفظ الإخلاص ، بل لم يوجد آية مشتملة عليه وكان المراد منها غيره كما في قوله تعالى : أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ (١) وقوله : قُلِ اللهَ أَعْبُدُ (٢) الآية وغيرهما.
ثالثها : تفسير المفسّرين ؛ فإنّهم فسّروها بما ذكرنا ، كما يعلم من الرّجوع إلى كتب التّفسير للخاصّة والعامّة.
__________________
(١) الزمر : ٣.
(٢) الزمر : ١٤.