لا يقال : كون المراد من الإخلاص ما يقابل الشّرك لا ينافي الاستدلال بها على وجوب خلوص العمل من الضّمائم سيّما الرّياء ؛ فإنّه قد ورد : أنّه من الشّرك الخفي (١).
لأنّا نقول : قد عرفت : أنّ المراد من الآية بملاحظة صدرها وذيلها ونظائرها وما ورد في تفسيرها ليس وجوب العمل على وجه الإخلاص وعدم الشّرك في العمل حتّى يقال : إنّ الرّياء أيضا نوع من الشّرك بالمعنى الأعمّ ، بل المراد منها : وجوب التّوحيد واختيار عبوديّة الله معتقدين بعدم الشّريك له ؛ حيث إنّ المأمور فيها هم الكفّار المعتقدون بأنّ له جلّ شأنه وعزّ اسمه شريكا يشفع لهم عنده تعالى.
ومن المعلوم أنّ ضمّ غير عنوان المأمور به إليه في القصد ولو كان رياء ليس شركا بالله بمعنى الاعتقاد بغيره وجعله مستحقّا لأن يعبد كما لا يخفى ، وإلّا وجب الحكم بكفر من كان هذا شأنه كما في أكثر النّاس إن لم يكن جلّهم وإن كان شركا بمعنى آخر لا ينافي الإيمان ، وعليه يحمل ما ورد في بعض الأخبار.
وأمّا ثانيا : فلأنّه على فرض تسليم كون المراد من الإخلاص ما هو مقابل الرّياء ونحوها من الضّمائم لا دلالة للآية على وجوب قصد التّقرب عليهم في كلّ واجب ؛ فإنّ الحصر إنّما هو باعتبار القيد لا القيد والمقيّد معا ، فيصير المحصّل منها : أنّهم ما أمروا بإيقاع العبادة بوجه من الوجوه إلّا على وجه الإخلاص ، فالآية إنّما تدلّ على وجوب الإخلاص عليهم في كلّ عبادة ، لا على
__________________
(١) مصباح الشريعة : ٣٢ ، عنه مستدرك الوسائل : ج ١ / ١٠٧ باب « تحريم قصد الرياء والسمعة في العبادة » ـ ح ١٤.