بالواجبات التّعبديّة. هذا ملخّص ما ذكره ( دام ظلّه العالي ).
ولكن يمكن المناقشة فيه : بأنّ تحريك العقل إلى فعل الواجب وإن لم يكن إلّا من جهة دفع الضّرر عن النّفس ـ حسب ما هو قضيّة جبلّة العاقل ـ إلّا أنّ مجرّد هذا المعنى لا يدلّ على وجوب ملاحظة هذا المعنى في العمل وقصده فيه بحيث لو فرض إتيانه به لا على الوجه المذكور من جهة علمه بعدم اشتراطه في صحّة العمل شرعا لم يكن آتيا بالواجب ، بل فعل فعلا لغوا.
وبالجملة : فرق بين حكم العقل بوجوب ملاحظة التّقرب وهو إتيان الفعل تخلّصا عن العقاب في العمل بأن يوقعه على هذا الوجه ، وبين كون العلّة في حكمه وتحريكه هو وجود الضّرر في الشّرك. والّذي نسلّمه هو الثّاني ، والّذي ينفع في المقام هو المعنى الأوّل فتدبّر.
وأمّا رابعا : فلأنّه لو بني على كون المراد من الآية ما ذكر في تقريب الاستدلال بها على المدّعى لم يحتج إلى الاستصحاب أصلا ، بل لا يجري جزما ؛ لكفاية قوله تعالى : وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (١) في إثبات الحكم في شريعتنا من غير أن يتمسّك بالاستصحاب بناء على كون المراد منها الثّابتة الّتي لا تنسخ ، لا الحقّ المستقيم كما ذكره جماعة منهم : الأردبيلي في « آيات الأحكام » (٢).
__________________
(١) البيّنة : ٣.
(٢) زبدة البيان في فقه القرآن للفقيه المقدّس الأردبيلي : ٢٨.