الثّاني : كون الأخبار مسوقة لإثبات الأمور الشّرعيّة دون غيرها وإن استتبعت أحكاما شرعيّة حيث قال ـ بعد جملة كلام له في بيان عدم اعتبار الأصول المثبتة ـ ما هذا لفظه :
« وما ذكره بعض المحقّقين (١) : ( من أنّ الأصول المثبتة ليست بحجّة ، فالوجه فيه : تنزيله على ما ذكرنا ، فيكون المراد : أنّ الأصول المثبتة لأمور عادية ليست حجّة على إثباتها ، وذلك لتعارض الأصل في جانب الثّابت والمثبت ، فكما أنّ الأصل بقاء الأوّل كذلك الأصل عدم الثّاني وليس في أخبار الباب ما يدلّ على حجيّته بالنّسبة إلى ذلك ؛ لأنّها كما ترى ، مسوقة لتفريع الأحكام الشّرعيّة دون العادية ، وإن استتبعت أحكاما شرعيّة ) (٢). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه
فإن جعلنا قوله أخيرا : ( وليس في أخبار الباب ... ) دليلا مستقلّا يرجع إلى الوجه الثّاني وكان دليلا مستقلّا ، وإن جعلناه متمّما للوجه الأوّل ودفعا لما قد يورد عليه ـ بأنّ مقتضى الأصلين وإن كان بالنّظر إلى أنفسهما هو التّعارض ، إلّا أنّ مقتضى الأخبار تحكيم الأصل في المثبت حسب ما ذكره في دفع التّعارض بين استصحاب الموضوع واستصحاب عدم الحكم المترتّب عليه بلا واسطة ـ فلا معنى لأن ينسب إليه : أنّه جعل ذلك دليلا كما هو واضح على هذا الفرض.
هذا هو الظّاهر بعد ملاحظة ما ذكره قبل هذا الكلام ؛ فإنّه قال في طيّه :
« وبالجملة : فالّذي يثبت بالاستصحاب على ما يستفاد من أخبار الباب :
__________________
(١) يريد به الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء رضوان الله تعالى عليه.
(٢) الفصول الغرويّة : ٣٧٨.