بقاء مورده وحدوث ما يترتّب عليه أوّلا من أحكامه الشّرعيّة ، فيثبت باستصحاب الطّهارة بقاؤها فيترتّب عليه صحّة الصّلاة المأتي بها معها ، وحصول البراءة بها ، وباستصحاب الكرّية بقاؤها ، ويترتّب عليه طهارة ما يرد عليه من المتنجّس ».
إلى أن قال :
« فإنّ هذه الأمور وإن كانت حادثة ومقتضى الاستصحاب عدمها وقضيّة ذلك تعارض الاستصحابين إلّا أنّ المستفاد من الأخبار الواردة في المقام ثبوت تلك الأمور بالاستصحاب ، ألا ترى أنّ قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة السّابقة : ( ولا تنقض اليقين بالشّك ) بعد قوله : ( فإنّه على يقين من وضوئه ) يعطي البناء على يقينه السّابق وإثبات ما يترتّب عليه من أحكامه الشّرعيّة كصحّة الصّلاة إذا أتى بها ، وبراءة ذمّته منها في مسألة الشّك في بقاء الطّهارة ـ كما هو مورد الرّواية ـ وإن كانت مخالفة للاستصحاب » (١). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وأنت خبير بأنّه لا مجال للرّيب بعد التّأمّل في هذا الكلام أنّ مقصوده ممّا ذكره أخيرا هو ما ذكرنا من ثاني شقيّ التّرديد ، وأنّه ليس مقصوده ما ذكره الأستاذ العلّامة : من كونه تتميما للدّليل الأوّل بملاحظة القولين في مدرك الاستصحاب.
ومنه يعلم : أنّ كلامه أخيرا مناقض لما ذكره أوّلا من فرض التّعارض ؛ لأنّه إذا لم يثبت حجّية الأصل في الواسطة ، كيف يمكن إيقاع التّعارض بينه وبين الأصل في الملزوم؟ ومع ثبوته لا معنى لما ذكره أخيرا كما لا يخفى.
نعم ، لو جعل ما ذكره أخيرا دليلا مستقلّا لم يرد عليه إيراد التّناقض كما هو
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٣٧٧.