بالوقت ولو في بعض الأوقات.
فإن قلت : بعد البناء على جواز التّفكيك بين اعتبار الظّن بالملزوم والظّن باللّازم في الشّريعة ، فما يحملك على الحكم بالتّعميم في المقام؟ مع أنّ المتيقّن من اعتبار الظّن الاستصحابي إنّما هو بالنّسبة إلى ما يترتّب على المستصحب من الأحكام الشّرعيّة أوّلا وبالذّات ؛ لأنّ عمدة الدّليل على اعتباره من باب الظّن هو بناء العقلاء ، والمتيقّن من بنائهم إنّما هو بالنّسبة إلى تلك الآثار ، وليس له إطلاق حتّى يتمسّك به ، وكذلك إذا قلنا باعتباره من باب دليل الانسداد الّذي أقاموه لحجيّة مطلق الظّن ؛ فإنّه لا إطلاق له يقتضي بالحجيّة مطلقا سيّما إذا قلنا بكون النّتيجة مهملة.
قلت : دعوى : اختصاص بناء العقلاء على العمل بالظّن الاستصحابي في خصوص الآثار الشّرعيّة المترتّبة على المستصحب بدون واسطة أو كون القدر الثّابت منه ذلك ، فاسدة جدّا ؛ إذ بناء العقلاء على الظّن إنّما هو من حيث الطّريقيّة المحضة الّتي لا يفرّقون فيها بين أنحاء الانكشاف ومجرّد كون الدّليل لبيّا لا يقتضي المصير إلى إهماله كما هو واضح على الأوائل ، هذا بالنّسبة إلى بناء العقلاء.
وأمّا دليل الانسداد فالأمر فيه أوضح ؛ لأنّ نتيجة مقدّماته على ما عرفت تفصيل القول فيه في الجزء الأوّل من التّعليقة : هي حجيّة الظّن المتعلّق بالحكم الشّرعي الكلّي سواء كان بلا واسطة أو بواسطة هذا. ولكن الّذي استقرّ عليه بناء القائلين باعتبار الاستصحاب من باب الظّن عدم الالتزام باعتبار الأصول المثبتة في جميع الفروع ، وإن كان يظهر منهم الاعتماد عليها في جملة منها كما يقف عليه المتتبّع في كلماتهم ويكفي شاهدا ما ذكره الأستاذ العلّامة في « الكتاب » من