التّفكيك بين المتلازمين في الظّاهر فوق حدّ الإحصاء في الشرعيّات بحيث لا يحتاج من كثرة الوضوح إلى المثال ، وحكاية السّودة والسّمعة معروفة ، إلّا أنّ الحكم فيها محمول على الاستحباب.
والّذي يجمع موارد التّفكيك على سبيل الضّابطة يرجع إلى أمور :
الأوّل : أن يكون الدّليل مقتصرا فيه على ترتيب بعض الأحكام المترتّبة على مورد الظّن ، كما فيما دلّ على وجوب الصّوم عند الشّك في هلال رمضان بشهادة عدل واحد ، فلا يحكم حينئذ بترتيب جميع الآثار عليه ، فلا يلزم منه جواز الإفطار بعد مضي ثلاثين من ذلك اليوم ؛ لأنّه لم يحكم بثبوت الهلاليّة بشهادة العدل الواحد حتّى يلزم منه الحكم المذكور.
الثّاني : أن يقوم الدّليل من الخارج على عدم اعتبار الظّن باللازم كما في الظّن بالمسألة الفرعيّة المستلزم للظّن بالمسألة الأصوليّة إن فرض تسبّب الأولى من الثّانية على القول : بأنّ عدم اعتبار الظّن في الأصول إنّما هو من حيث الخصوص ، لا من حيث الاندراج تحت ما دلّ عموما على حرمة العمل بالظّن.
الثالث : أن يكون الدّليل الدّال على اعتبار الظّن في الملزوم مهملا حاكما باعتبار الظّن في الجملة ، فيكون الحكم بعدم اعتبار الظّن في اللّازم حينئذ من حيث عدم قيام الدّليل على اعتباره ، لا من حيث قيام الدّليل على اعتباره.
وهذا قد يكون في الأحكام الكليّة والشّبهات الحكميّة ، كما في الظّن بالمسألة الفرعيّة المستلزم للظّن بالمسألة الأصوليّة ، أو اللّغوية بناء على كون حرمة العمل بالظّن في الأوّل من حيث عدم قيام الدّليل على الاعتبار.
وقد يكون في الموضوعات الخارجيّة ، كما في الظّن بالقبلة المستلزم للظّن