قلت : قد عرفت غير مرّة وستعرف أيضا : أنّ الأصل في الشّك المسبّب لا يجري فيما أمكن إجراء الأصل بالنّسبة إلى الشّك السّببي بحيث يرفع الشّك المسبّب حكما ، وأمّا إذا لم يمكن ذلك فلا مانع عنه.
وهذا التّوجيه يظهر من الأستاذ العلّامة في « الكتاب » أيضا فانظر إلى قوله : ( فالأولى التّمسك في هذا المقام ... إلى آخره ) (١) حتّى تعلم حقيقة الحال وإن كان صرّح في ردّ المحدّث المقدّم ذكره في ذلك المقام بعدم تعقّل ذلك هذا.
ولكنّك خبير بفساد هذا الوجه أيضا ؛ لأنّك قد عرفت غير مرّة : أنّه مع الشّك في بقاء الموضوع لا يمكن إجراء الاستصحاب بالنّسبة إلى الحكم لا مع استصحاب الموضوع ولا بدونه.
وأمّا ما قرع سمعك : من أنّه مع عدم إمكان إجراء الاستصحاب في الشّك السّببي لا مانع من إجراء الاستصحاب بالنّسبة إلى الشّك المسبّب ، فإنّما هو في غير الشّك في الموضوع والحكم ، وأمّا بالنّسبة إليهما فلا معنى له. وهذا مع وضوحه قد أقمنا عليه البرهان فيما مضى وسنقيم عليه فيما سيأتي أيضا إن شاء الله هذا.
وبالحريّ أن نشير إلى شرح بعض أجزاء ما وقع من الأستاذ العلّامة من الكلام في هذا القسم قبل الخوض في بيان حكم القسمين الأخيرين.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٢٠٥.