توضيح ذلك : أنّ القطع بعدم الدّليل في الزّمان الّذي يقطع بكونه من النّهار إنّما هو من حيث انطباق عدمه على النّهار ، لا بمعنى كون النّهار موجودا في زمان لم يوجد فيه اللّيل ؛ لاستحالة أن يصير الزّمان مظروفا وظرفا كما يحكم به ضرورة العقل ، ولا بمعنى كونه مصداقا له ؛ ضرورة بطلان صيرورة الوجود مصداقا للعدم ، بل بمعنى اعتباره ممّا يقارنه حقيقة ، فمعنى القطع بعدم اللّيل في ذلك الزّمان هو القطع بعدم كونه ليلا ولازم هذا المعنى ـ كما لا يخفى ـ أن يكون الشّك في الزّمان المشكوك في أنّه من اللّيل أو النّهار كما هو المشاهد بالعيان ، لا أنّ اللّيل وجد فيه أم لا ؛ ضرورة أنّه لو كان ليلا يكون نفسه لا ظرفه فالقطع بعدم كون الزّمان السّابق ليلا لا ينفع في صدق البقاء بالنّسبة إلى الزّمان المشكوك ، فيكون حال المستصحب العدمي في الزّمان كحال المستصحب الوجودي ، فلا مسرح للاستصحاب في العدمي أيضا إلّا بالالتزام بأحد الوجهين اللّذين عرفتهما بالنّسبة إلى الاستصحاب الوجودي. هذا ملخّص ما أفاده شيخنا الأستاذ العلّامة ( دام ظلّه ) في مجلس البحث وهو لا يخلو عن بعض المناقشات.
ثالثها : استصحاب الحكم المترتّب على الزّمان كوجوب الصّوم وجواز الإفطار إلى غير ذلك ؛ لأنّه كان متيقّنا قبل الشّك في انقضاء الزّمان فلا يحتاج حينئذ إلى استصحاب الزّمان أصلا ؛ لأنّ المقصود من استصحاب الزّمان هو ترتيب الآثار الشّرعيّة عليه ، فإذا أجري الاستصحاب في نفسها فلا يحتاج إلى استصحاب الزّمان.
فإن قلت : الشّك في بقاء الحكم المفروض مسبّب عن الشّك في بقاء الزّمان ، فكيف يمكن رفع الشّك عنه بإجراء الاستصحاب في نفسه؟