تسليم حصوله هل هو بناء العقلاء أو برهان الانسداد؟ فإنّه يمكن أن يقال علي الأوّل بوجوب اتّباع الظّن في المقام وهذا بخلاف الثّاني ؛ فإنّ برهان الانسداد في الفروع لا يقتضي بحجيّة الظّن فيه وفي نفسه لا يجري على ما عرفت تفصيل القول فيه في الجزء الأوّل من التّعليقة : من أنّ قضيّة انسداد باب العلم في الأصول هو التّوقف والتّدين بما هو الثّابت في الواقع ، لا التّديّن بمقتضى الظّن هذا كلّه في استصحاب وجوب الاعتقاد.
وأمّا استصحاب وجود المعتقد المقصود من الموضع الثّاني : فإن ترتّب حكم شرعيّ على وجوده الواقعي لا على العلم به فلا إشكال في الحكم بثبوته على القول باعتبار الاستصحاب من باب التّعبّد ، إلّا أنّه قد يقال : إنّ الأحكام المترتّبة على العقائد إنّما ترتّب على العلم بها لا على وجودها الواقعي فتأمّل.
وأمّا على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظّن فقد عرفت ما ينبغي سلوكه على تقدير القول به.
ثمّ إنّ ما ذكر كلّه إنّما هو في غير ما يتوقّف اعتبار الاستصحاب على ثبوته كالنّبوّة ، وأمّا هو فستعرف تفصيل القول فيه ، وأيضا ما ذكر إنّما هو مجرّد فرض وإلّا فلم نقف على مسألة في الأصول يقطع بثبوتها في السّابق ثمّ يشكّ في بقائها كما هو واضح ، بل لا يعقل ذلك في كثير من الموارد لثبوتها بالبراهين العقليّة كما لا يخفى على من له خبرة في الجملة ، هذا مجمل القول في استصحاب العقائد.
وأمّا استصحاب الأحكام المترتّبة عليها المقصود من الموضع الثّالث ، فغير جائز عندنا لما قد عرفت غير مرّة ؛ أنّ الحكم المترتّب على موضوع لا معنى لاستصحابه عند الشّك في هذا الموضوع.