وفذلكة الكلام وحاصله : أنّ الحكم الشّرعي الأصولي عبارة عن وجوب الاعتقاد والتّديّن بالعقائد الحقّة ، وكلام شيخنا ( دام ظلّه العالي ) مشتبه المراد ؛ من حيث إنّ المستصحب نفس هذا الحكم المتعلّق بالاعتقاد ، أو الاعتقاد ، أو المعتقد ، أو أحكامه الشّرعيّة الثّابتة غير وجوب الاعتقاد هذا.
مع أنّ الشّك في بقاء العقائد الحقّة لا يتصوّر بالنّسبة إلى غير النّبوّة ، وأمّا بالنّسبة إليها فلا يتصوّر أيضا إن كان المراد منها الملكات الثّابتة للنّبي القائمة بنفسه الشّريفة الموجبة لسلطنة تصرّفه في الآفاق والأنفس واستحقاقه للرّئاسة الكلّيّة الإلهيّة ؛ فإنّها باقية لا زوال لها أصلا ببقاء نفسه المطمئنّة في جميع عوالمه.
وكذا إذا كان المراد منها تصرّفه الفعلي في الآفاق والأنفس وولايته على النّفوس الخلقيّة ؛ فإنّ الولاية الحقّة المطلقة بالمعنى المذكور ينتقل إلى الوصيّ بعد ارتحال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الوصيّ إلى من بعده من الأوصياء بحسب الطّبقات فليست محتملة للقاء حتّى تستصحب.
نعم ، لو كان المراد منها ما ينتزع من وجوب إطاعته فيما جاء به من الأحكام والشّريعة فهي قابلة للارتفاع فيتعلّق بها الشّك لكن بقاؤها تابع لبقاء الأحكام والشّريعة فلا معنى لإجراء الاستصحاب في نفسها كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ المراد من الاعتقاد إن كان هو العلم أو ما لا يحصل إلّا مع العلم ، فلا يتصوّر الاستصحاب بالنّسبة إلى حكمه كنفسه كما هو ظاهر. وإن كان الأعمّ من العلم والظّن وقلنا بإفادة الاستصحاب للظّن ـ ولو في الشّبهات الحكميّة ولو في مثل هذه المسألة ـ فلا معنى لابتناء المسألة على اعتبار الاستصحاب وعدمه كما هو ظاهر ؛ ضرورة ابتنائها على هذا التّقدير على وجود الظّن.