أقول : قد يورد عليه : بأنّه كيف يمكن الاحتياط في الأصول مع أنّه ليس المقصود منها العمل. والاحتياط في الفروع وإن كان ممكنا ، إلّا أنّها خارجة عن محلّ البحث ، على أنّ الاحتياط في الفروع في الفرض موجب للاختلال قطعا
__________________
بين الأصول والفروع ، بل قد عرفت : ان التعويل عليه عند الشك في نسخ النّبوّة أظهر من أن يخفى على ذي مسكة.
ثم إن المنع من حصول الظن فيما كان المستصحب من العقائد الثابتة بالدليل القطعي إستنادا الى ان الشك فيه لا بد أن يكون ناشئا من تغيّر بعض ما يحتمل مدخليّته في المستصحب من الغرائب حيث أنّ الشك في بقاء المستصحب لا بد وأن يكون من جهة إحتمال زوال بعض ماله دخل في وجوده ولو منع ذلك من حصول الظن لم يكن فرق فيه بين ما ثبت بدليل قطعي أو غيره ، وكأنّه أراد أنّ الشك في المقام شك في الموضوع كما مرّ فيما ذكره في منع جريان الإستصحاب في الأحكام العقليّة وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه.
ثم إن غلبة نسخ الشرائع إنّما يمنع من حصول الظنّ الشخصي ولو سلّم انّ اعتباره من باب الظنّ النوعي ولا يقدح فيه الظنّ الشخصي على الخلاف.
ثم إن المنع من اعتبار هذا الظنّ استنادا إلى إمكان الإحتياط وإن إنسدّ باب العلم ، غريب ؛ حيث إن اعتبار هذا الظنّ على تقدير القول به ليس من باب الإنسداد بالضرورة ، بل هو في عرض العلم ، مع ان امكان الإحتياط لا معنى له ؛ حيث ان الإلتزام والتديّن بالدين المشكوك في حدوثه حرام ، فكيف يمكن الإحتياط في مرحلة التديّن والإلتزام ـ مع انّ الأمر دائر بين النبوّتين ـ؟
وإن كان المراد : الإحتياط بالنسبة إلى الأعمال ـ فمع أنه خروج عن المبحوث عنه وهو استصحاب أصل الدين من حيث هو كذلك ، ولا ينفع إمكان الإحتياط في الفروع للشك في الأصول ـ فيه : أنّ الأمر كثيرا ما يدور بين الوجوب والحرمة » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.