محدودة بزمان مجيء النّبي اللّاحق وأخبر أمّته بذلك كما وقع ذلك لحضرة عيسى « على نبيّنا [ وآله ] وعليهالسلام » بالنّسبة إلى نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما نطق به الكتاب المجيد فيصحّ إذن دعوى الفاضل القميّ التّحديد في أغلب النّبوّات هذا.
ولكنّك خبير بأنّ ما ذكر مناف لما ثبت من أنّ شريعة كلّ نبيّ ناسخة لشريعة من قبله ، اللهمّ إلّا أن يقال بورود مثل ذلك بالنّسبة إلى نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ حيث إنّ من المعروف كون شريعته ناسخة لجميع الشّرائع ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ التّحديد في النّبوة لا يستلزم التّحديد في الأحكام والشّريعة الثّابتة للنّبيّ فيكون إطلاق النّسخ بالنّسبة إلى الشّريعة مع تحديد النّبوة مبنيّا على هذا فتأمّل.
وقد يختلج بالبال في دفع أصل الإيراد الّذي أورده ( دام ظلّه ) على الفاضل القميّ كلام لا يبعد كونه مرادا للفاضل القميّ قدسسره وهو أن يقال : إنّ مراد الفاضل ممّا ذكره من التّحديد المانع من التمسّك بأدلّة أغلب النّبوات في الفرد المشكوك ليس هو التّحديد بحسب الدّليل ظاهرا بمعنى كون أدلّتها محدودة ، بل المراد هو التّحديد بحسب الواقع فأراد أن يقول ـ بعد ثبوت التّحديد في أغلب النّبوّات بحسب الواقع ـ لا ينفع إطلاق أدلّتها في حصول الظّن بالاستمرار منها بالنّسبة إلى الفرد المشكوك ؛ حيث إنّ حصول الظّن منها كان مستندا إلى العلم بإرادة الاستمرار منها من الخارج فإذا علم خلافه فكيف يعقل حصول الظّن منه؟! وهذا هو الّذي ظهر لي من كلامه بعد التّأمل ، وبعده لا مجال لما أورده عليه أصلا كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما ذكرنا أخيرا وإن كان قريبا ممّا أوردنا على ما استظهرناه من الأستاذ العلّامة أوّلا ، إلّا أنّه لم يكن مبنيّا على بيان مراد الفاضل من التّحديد ، بل كان مبنيّا على كون مراده من التّحديد هو التّحديد بحسب الدّليل.