ولكنّك خبير بأنّه في كمال البعد عن كلام المحقّق إن لم ندّع صراحته في خلافه هذا. مع أنّه قد يمنع من اقتضاء التّبعيّة سراية الإهمال إلى إطلاق أدلّة الأحكام ، بل قد يجعل الإطلاق فيها المقتضي لحصول الظّن بالبقاء والاستمرار موجبا للظّنّ بالنّسبة إلى بقاء النّبوّة فتأمّل.
(٢٧٦) قوله : ( لأنّ العمل به على تقدير جوازه ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٢٦٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره مبنيّ على مقدّمتين : إحداهما : ثبوت شرطيّة الفحص للعمل بالأصول في جميع المذاهب. ثانيتهما : عدم وجود القاصر في الأصول أصلا ، كما تدلّ عليه الآية الدّالّة على أنّ من جاهد في الله لهداه سبيله (١) ، والآيات الدّالة على تعذيب الكفّار وخلودهم في النّار بأجمعهم (٢) ؛ فإنّ القصور لا يجامع العذاب قطعا وإن لم يكن منافيا للتّنجيس وسائر الأحكام المترتّبة على الكافر ، والإجماع المدّعى في كلام جماعة على عدم معذوريّة الجاهل في الأصول حتّى من المصوّبة خصوصا في مثل هذه المسألة ، خصوصا لمن كان ناشئا في بلاد الإسلام المخالط للمسلمين القادر على الوقوف على البرهان ، والدّليل الدّال على حقّيّة الإسلام على تقدير اعتبار الإجماع المنقول.
والمقدّمة الأولى وإن كانت ثابتة ظاهرا ـ فتأمّل ـ إلّا أنّ في ثبوت المقدّمة الثّانية إشكالا قد تقدّم تفصيل القول فيه عند التّكلّم في حجيّة الظّن في أصول ٣ / ١٥٥
__________________
(١) إشارة إلى قول الله عزوجل : الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا العنكبوت : ٦٩.
(٢) كما في الآيات ١٤٠ و ١٥٠ و ١٦١ من سورة النساء وكذلك ١٣٠ و ١٣١ من الأنعام الى غير ذلك.