أخبار الآحاد أو الكتاب أو الإجماع أن يلزم بها من هو قاطع بخلافها ، وإن لم يكن قطعه مستندا إلى ما يصلح للاستناد إليه ، فلا يصحّ أن يلزم من يقطع بحدوث العالم زمانا بالبرهان الّذي أقاموه على قدمه بحسب الزّمان وحدوثه بحسب الذّات وهو عدم جواز تخلّف الأثر عن المؤثر ، ولا أن يلزم من يقطع بثبوت الاختيار في أفعال العباد بما أقاموه لإثبات الجبر من الشّبهة المعروفة إلى غير ذلك.
فعلى هذا يصح للكتابي أن يستدلّ بالاستصحاب فيقول : إمّا أن تقيموا البرهان على نسخ الشّريعة السّابقة ، أو التزموا بها بمقتضى الاستصحاب الّذي تدّعون أنّه حجّة ، ومجرّد القطع على خلافه مع عدم استناده إلى دليل يصلح للاستناد إليه ليس بشيء فتأمّل.
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّه يمكن إجراء ما تقدّم من الجواب على التّقدير الأوّل في المقام أيضا ؛ لأنّ الاعتماد على الاستصحاب في مقام العمل أو الإلزام مشروط بالفحص فلا يبقى مورد للتّمسك به بعد فرض انفتاح باب العلم في المسألة على ما عرفت سابقا فتدبّر.
(٢٧٨) قوله : ( وإن أراد بيان أنّ مدّعي ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٢٦٧ )
أقول : لا يخفى عليك الفرق بين هذا وسابقه ؛ فإنّ المقصود من هذا مجرّد رفع كلفة الاستدلال عن نفسه وجعل إقامة البرهان على المسلمين فليس المقصود منه إلّا مجرّد ذلك. وهذا بخلاف سابقة ؛ فإنّ المقصود منه هو الاستدلال به على بقاء الشّريعة السّابقة على المسلمين القائلين باعتبار الاستصحاب هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنّه ليس للكتابي دفع كلفة الاستدلال عن نفسه