لا السّالبة الجزئية. فوجوب الجلوس قبل الزّوال لا يناقض عدم وجوبه ، بعده فإذا لم يناقضه والمفروض أيضا عدم دلالة الدّليل على الوجوه فيه فيرجع إلى استصحاب العدم الأزليّ الّذي لم يعلم بانتفاضه إلّا قبل الزّوال ، فهنا شكّ واحد وهو الشّك في وجوب الجلوس بعد الزّوال مسبوق بيقينين : أحدهما : اليقين بوجوب الجلوس قبل الزّوال. ثانيهما : اليقين بعدم وجوب الجلوس بعد الزّوال في الأزل ، ولا ترجيح لأحد اليقينين على الآخر.
فإن قلت : المرجّح هو اتّصال اليقين الأوّل بالشّك ، دون الثّاني لفصل اليقين الأوّل بينهما.
قلت : هذا غلط ؛ لأن كلّا من اليقين متّصل بالشّك ؛ لأنّ اليقين الأوّل إنّما صار فصلا بين اليقين بالعدم المطلق والشّك ، لا بين العدم المقيّد بالزّمان المشكوك.
والكاشف عن ذلك ـ مضافا إلى وضوحه وظهوره ـ : هو أنّ هذا الشّك موجود في زمان اليقين بالوجود أيضا ؛ فإنّ الشّك في وجوب الجلوس بعد الزّوال موجود قبل الزّوال أيضا ، وكذا الشّك في وجوب صوم يوم الجمعة موجود في يوم الخميس أيضا الّذي يقطع بوجوب الصّوم فيه ، فلو كان اليقين بالوجود متّصلا وفاصلا دون اليقين بالعدم الأزلي لما جامع الشّك اليقين بالوجود ، والملازمة ظاهرة.
فما ذكره في العبارة من قوله : « واليقين المتّصل به هو عدم التّكليف ، فيستصحب إلى وقت الزّوال » (١) لا يكون المقصود منه نفي جريان استصحاب
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٢٠٩ نقلا عن مناهج الأحكام للفاضل النراقي أنظر المناهج