أقول : حاصل ما ذكره على ما يستفاد من مطاوي كلماته : هو أنّ المستصحب : إمّا من الأمور الشّرعيّة ، أو غيرها ممّا تعلّق به الحكم الشّرعي. وعلى الأوّل : إمّا أن يكون الشّك في بقاء المستصحب من جهة الشّك في المقتضي بأقسامه ، أو من جهة الشّك في الرّافع بأقسامه. فإن كان الشّك في بقاء الحكم الشّرعي من حيث المقتضي فلا يعتبر الاستصحاب فيه ؛ من جهة تعارض استصحابي الوجود السّابق والعدم الأزليّ في زمان الشّك فيتساقطان.
كما لو علم من دليل مهمل وجوب الجلوس في مكان إلى الزّوال وشك بعده في وجوب الجلوس ؛ فإنّ مقتضى استصحاب وجوب الجلوس الثّابت قبل الزّوال هو وجوب الجلوس بعد الزّوال أيضا ، ومقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس الأزليّ الّذي لم يقطع بانقلابه إلى الوجود بعد الزّوال هو عدم وجوبه فيه ؛ لأنّ انقلاب العدم إلى الوجود في الجملة لا يستلزم انقلاب مطلق العدم الأزلي ، وإنّما يستلزم انقلاب العدم المطلق ؛ لأنّ الموجبة الجزئية إنّما تناقض السّالبة الكليّة ،
__________________
في الفردوس مقامه خفى عليه مراده من تعارض الإستصحابين أورد عليه بوجوه ثلاثة.
[ ويرد على الايراد الاوّل ] : ان المقصود حصر الاستصحاب في صورة الشك في الرّافع وأنه حيث حيث احتمل دخل الزمان الخاص في الحكم فلا مسرح للإستصحاب حيث انه حينئذ ليس إلّا مجرّد ثبوت الحكم في زمان ، والإعتماد على مجرّد الوجود معارض باليقين بالعدم في غير ذلك الزمان ، وأمّا اذا كان الشك في الرّافع أو عدم الرّافعيّة كما هو المطّرد في جميع الموجودات الخارجيّة ، وكيف يخفى على أحد أن استصحاب العدم ـ على تقدير كون الزمان قيدا ـ لا يعارض استصحاب الوجود؟ ـ على تقدير الظرفيّة وعدم المدخليّة ـ مع ان من أجلى الضروريّات أن المعتبر في التعارض الاجتماع في محلّ واحد » [ ويأتي الايراد على الوجهين الآخرين في التعاليق الآتية ] إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤.