فيما إذا لم يكن من القسم الأوّل ؛ فإنّ الحكم بخروج الفرد الخارج دائما عن العام الّذي دلّ على ثبوت الحكم لجميع أفراد موضوعه دائما لا يستلزم تخصيصات عديدة بحسب أجزاء الزّمان الّتي تسع لوقوع الفعل فيها ؛ حيث إنّ المفروض عدم أخذ كلّ جزء من أجزاء الزّمان موضوعا مستقلّا وملحوظا بحياله حتّى يلزم الحكم بعدم ثبوت الحكم لجميعها تخصيصات متعدّدة.
فيرجع الشّك حينئذ في المقدار الّذي لا يدلّ عليه الدّليل المشتمل على التّخصيص إلى الشّك في التّخصيص الزّائد على القدر المعلوم ، بل عموم الحكم من حيث الزّمان في هذا القسم من توابع دخول الفرد في العام ، فإذا فرض خروجه عنه فلا يبقى عموم له بالنّسبة إلى الزّمان ، وإن كان العموم المستفاد عموما أصوليّا استغراقيّا وضعيّا ، إلّا أنّه لم يلاحظ الزّمان فيه على الوجه الّذي ذكرنا.
ومن هنا لم يتأمّل أحد في الحكم بالحليّة بالنّسبة إلى زمان الشّك فيما لو ثبت تحريم فعل بعنوان العموم وخرج منه فرد خاصّ من ذلك الفعل ووقع الشّك في أنّ ارتفاع الحرمة عن ذلك الفرد مختصّ ببعض الأزمنة أو عام لجميعها.
والحاصل : أنّ معنى العموم بحسب الزّمان في هذا القسم أنّ كلّ فرد كان داخلا في هذا العام ومرادا منه فهو مراد منه دائما فالحكم ثابت له كذلك ، فقول المولى : « أكرم العلماء دائما » لا يدلّ إلّا على ما ذكرنا.
فاندفع منه ما ربّما يتوهّم من المناقشة فيما ذكره الأستاذ العلّامة من التّمثيل لهذا القسم بالقضيّة المشتملة على لفظ الدّوام ؛ فإنّ المقصود من دوام الحكم استمراره الّذي يستلزم عدم تعدّده ، وإلّا لم يكن معنى لاستمرار الحكم كما لا يخفى.