أقول : لا إشكال فيما ذكره ( دام ظلّه ) ؛ لأنّه بعد ما ثبت بالدّليل الخارجي حرمة العصير العنبي بعد الغليان ما لم يذهب ثلثاه بالنّار ، فقد خرج هذا الموضوع عن العمومات الاجتهاديّة الدّالة على حلّيّة الأشياء ، فإذا شكّ في تحقّق الثّلثان وعدمه فيشكّ في تحقّق المخرج والخاص وعدمه بعد القطع بثبوت التّخصيص والإخراج ، فهذا ليس له دخل بالشّك في الحكم الشّرعي ؛ لأنّ الحكم الشرعي معلوم معيّن لا شبهة فيه أصلا ، وإنّما الشّك في تحقّق الموضوع ، فيرجع فيه إلى استصحاب عدم تحقّق الثّلثان وبقاء العصير على ما كان عليه ، فهنا ليس مورد التوهّم كونه مخصّصا للعمومات.
وهذا بخلاف الشّك في المثالين الأخيرين ؛ فإنّ الشّك فيهما في أصل الحكم الشّرعي الكلّي ، فيتوهّم الرّجوع إلى العام بالنّسبة إليه ، وإن كان هذا التّوهم فاسدا بناء على ما عرفت : من أنّه إذا خرج فرد من العام ولم يكن له عموم زماني لم يكن معنى للرّجوع إليه في زمان الشّك ، وهذا حاصل مرامه ( دام ظلّه ).
* * *