المشكوك وجوده ، هذا ملخّص ما ذكره قدسسره.
ولكنّك خبير بفساده ؛ لعدم إمكان الجمع بين استصحاب وجود الشّيء وعدمه في زمان واحد مع بقاء الاستصحاب ، وهو ثبوت ما كان ثابتا في الزّمان الأوّل بعينه في الزّمان الثّاني بالمعنى الأعمّ من بقاء الوجود أو العدم حتّى يشمل الاستصحاب العدمي أيضا.
توضيح ما ذكرنا : من عدم إمكان الجمع : هو أنّه لا إشكال ولا ريب أنّ الوجود المطلق والعدم المطلق نقيضان لا يمكن اجتماعهما أصلا ، كما أن الوجود المطلق مع العدم في الجملة ، والعدم المطلق مع الوجود في الجملة أيضا نقيضان ؛ لأنّ السّالبة الجزئية نقيض للموجبة الكليّة ، كما أنّ الموجبة الجزئية نقيض للسّالبة الكليّة ، وإنّما الّذي يمكن اجتماعه هو مطلق الوجود مع مطلق العدم ، وبعبارة أخرى : الوجود المقيّد والعدم المقيّد.
وبعد ذلك نقول : إنّ الحكم الشّرعي الّذي فرض ثبوته في الزّمان الأوّل الّذي يريد استصحابه في الزّمان الثّاني كوجوب صوم يوم الخميس مثلا ، أو وجوب الجلوس إلى الزّوال مثلا لا يخلو : إمّا أن يؤخذ الزّمان قيدا له ، أو ظرفا له ، أو يهمل من الجهتين ، بمعنى : أنّا لا ندري أنّ الزّمان قيد له أو ظرف له ، وإن كان الأمر لا يخلو عن أحدهما في الواقع.
فإن فرض الزّمان قيدا له ، فلا مجال لاستصحابه بعد الزّمان المفروض ؛ لما عرفت : من عدم تعقّل بقاء المقيّد من حيث إنّه مقيّد مع فرض انتفاء القيد ، فلو كان موجودا في الزّمان الثّاني فهو وجود آخر غير ما كان ثابتا ، فلا دخل له بالاستصحاب كما لا يخفى ، فالمتعيّن حينئذ الرّجوع إلى استصحاب العدم الأزلي.